أمير نجران يطّلع على تقرير أداء الوكالات المساعدة وإدارات الإمارة    468% نموا في سجلات النزل السياحية    مؤسسة تطوير دارين وتاروت تعقد اجتماعها الثاني    حرب الرسوم الجمركية تهدد بتباطؤ الاقتصاد العالمي    مذكرة تفاهم سعودية - فرنسية في مجال التكنولوجيا الصحية    جمعية وعي تحتفل بزراعة 10 آلاف شجرة    آل الشيخ يتسلم درع رواد العمل القانوني بدول الخليج    الرياض تستضيف كأس الاتحاد السعودي للكرة الطائرة    إنترميلان يتخطى بايرن ويضرب موعداً مع برشلونة بنصف نهائي «أبطال أوروبا»    إنريكي: أمتلك أفضل فريق في العالم    خمس جهات حكومية ترسم مستقبل الحج والعمرة    الأمم المتحدة: الاحتلال قتل 71 مدنياً منذ 27 نوفمبر    المملكة ودول خليجية وعربية تؤكد التضامن مع الأردن واستقراره    الجزائر: وزير الداخلية الفرنسي سبب الأزمة بين البلدين    الهلال والخليج.. ذكرى الصدمة    القبض على إثيوبي في الباحة لترويجه الحشيش والإمفيتامين    عفت السينمائي يكرم فائزي «من الحلم إلى الفيلم»..    «الثقافة» تطلق الخط الأول والخط السعودي    تصعيد روسي أوكراني وسط جهود متعثرة لإنهاء الحرب    ما كل ممكن يسوغ    عملية قلب مفتوح لسبعيني في القصيم    قوات الدعم السريع تعلن حكومة موازية وسط مخاوف دولية من التقسيم    إغاثة سعودية تصل سوريا بطواقم طبية    الأرصاد: هطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    نائب أمير منطقة جازان يستقبل مدير عام فرع وزارة الصحة بالمنطقة    مهرجان الثقافات بالجامعة الإسلامية يجمع حضارات العالم    أمين المدينة: تأهيل 100 موقع تاريخي بحلول 2030    انطلاق منتدى ومعرض للطاقة الشمسية والرياح بجامعة الإمام عبد الرحمن    المريخ يصل إلى (الأوج) اليوم    الهلال الأحمر بالشرقية ينفذ فرضية لمشروع "معاذ" في جسر الملك فهد    القيادة تعزي ملك ماليزيا    بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة.. 598 مستفيدًا من مركز الأطراف الصناعية في تعز    صندوق تمكين القدس يدعو إلى إغاثة الشعب الفلسطيني    ولي العهد يعزي رئيس وزراء ماليزيا في وفاة عبدالله بدوي رئيس الوزراء الماليزي الأسبق    صعود الذهب والنفط    حارس مانشستر يونايتد على رادار أندية روشن    حسن عبدالله القرشي.. شاعر البسمات الملونة (2/2)    فلسفة كتابة الرأي في حياتي    وصل إلى الكويت للمشاركة في اجتماع الحوار الإستراتيجي الخليجي.. وزير الخارجية ونظيره الهولندي يبحثان القضايا الإقليمية والدولية    محمد بن فهد.. موسوعة القيم النبيلة    تركيا.. استطلاعات تظهر تقدم المعارضة والملايين يطالبون بإطلاق سراح أوغلو    إسرائيل تشترط تفكيك قدرات الحركة العسكرية لوقف الحرب.. الدم مقابل السلاح: غزة تنزف و«حماس» أمام خيار مصيري    رُهاب الكُتب    الأول من نوعه في السعودية.. إطلاق إطار معايير سلامة المرضى    تغريم 13 صيدلية 426 ألف ريال لمخالفتها نظام "رصد"    السجن خمس سنوات لمواطنٍ بتهمة الاحتيال المالي    «المظالم»: إنجاز قضائي لأكثر من 46 ألف دعوى    توقيع اتفاقية تمويل "رسل السلام" بقيمة 50 مليون دولار    "القدية للاستثمار"شريك مؤسس لسباق جائزة السعودية الكبرى StC للفورمولا 1    الأخضر تحت 17 عاماً يعاود تدريباته استعداداً لنصف نهائي كأس آسيا    تعليم الباحة يطلق جائزة الشيخ الدرمحي للتميز التعليمي    "بينالي الفنون الإسلامية 2025" يواصل استقبال زوّاره في جدة    سمو أمير منطقة الباحة يتسلّم تقرير أعمال الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    العالم على أعتاب حقبة جديدة في مكافحة «الجوائح»    فرع الإفتاء بجازان يختتم برنامج الإفتاء والشباب في الكلية الجامعية بفرسان    أمير نجران يعتمد الهيكل الإداري للإدارة العامة للإعلام والاتصال المؤسسي بالإمارة    الحقيقة التي لا نشاهدها    أمير تبوك يزور الشيخ محمد الشعلان وبن حرب والغريض في منازلهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم الصغير

إحدى المشكلات الكبرى لمحاولة التعرف على أنفسنا هي أننا لا نستطيع حقّاً التنبؤ بسلوكاتنا الشخصية في كثير من المواقف، إننا نظن أننا نعرف أنفسنا، ولكننا لا نعرفها بالقدر الكافي الذي نريده، ومما يجعل فهم أنفسنا وفهم الآخرين أكثر صعوبة هي تلك الذكريات المشوهة المضطربة بشكل مؤلم، التي نحملها جميعاً داخل ذلك العالم الصغير المسمى المخ. إن المخ عبارة عن مجموعة ضخمة هائلة من مخازن الحفظ ووظائف التفسير التي تقوم باستمرار بعمليات الاسترجاع وإعادة تخزين وترجمة رموز ذكرياتنا وأفكارنا. والذكريات الزائفة شائعة أيضاً لدرجة كبيرة بحيث إن كل محادثة نجريها – قصيرة كانت أم طويلة – تتضمن إشارة إلى ذكرى واحدة على الأقل لم يكن لها وجود من الأساس.
إن قليلاً من سلوكات الناس هي التي تسيطر عليها عقولهم الواعية. فأغلبية الناس لا يستطيعون تفسير السبب الذي يرجعون إليه خلف قيامهم بهذا الفعل أو السلوك أو عدم تنبئهم به مسبقاً، فالعقل اللاواعي يطلق عليه الفكر الكامن أو الذاكرة الكامنة، وعملية تحليل سبب قيام شخص بعمل ما أو به هي عملية تخمين محض من جانب العقل الواعي، وإن هذه التفسيرات والتبريرات تساعدنا على تجاوز عدم الاتساق مع واقعنا، والإلقاء به وراء ظهورنا لكي ننتقل إلى أمورنا الحياتية الأخرى.
أثبتت الدراسات والأبحاث أن بعض سلوكاتنا في مواقف معينة يتخللها الشك والارتياب لأننا لا نرى أنفسنا بنفس الوضوح الذي نرى به الآخرين، بل يمكننا الحكم على السلوك المستقبلي للآخرين بشكل أفضل من قدرتنا على حكمنا للسلوك المستقبلي الخاص بنا، وكثيراً في مواقف أخرى بسبب قيامنا بسلوك ما قد نقع في حيرة من عدم قدرتنا على توضيح القصد وراء هذا السلوك. إن احتياجنا للعثور على سبب لسلوكاتنا أي سبب يساعدنا على فهم عالمنا ويجعلنا نشعر بالسعادة، وحتى إن لم يكن هذا السبب صحيحاً.
ومازال العقل اللاواعي «العقل الباطن» سيد الموقف وخلف كثير من الأمور التي نعجز عن أن نضع تفسيراً منطقيّاً لها. إن العقل اللاواعي لا يفكر أو يتخذ القرارات، ولن يأتي بالبدائل، ولكنه يتفاعل مع الأمور بالطريقة التي تتراءى له ويعطي قراراً على الفور فيما يحيط به خوفاً وتجنباً من الوقوع في الألم، ومحاولة منه للهيمنة على كل حياة الإنسان.
وتكمن أهمية العقل اللاواعي «العقل الباطن» في حياة الفرد في أنه يقوم بالدور الأبرز في المواقف التي تتطلب منك اتخاذ مئات القرارات في وقت قصير «كقيادة السيارة مثلاً»، نجد أن العقل اللاواعي دائماً ما يقوم بالحركات الصحيحة، ويتفاعل جيداً للحفاظ عليك وعلى كل من حولك في أمان، وفي هذه الحالات نجد أن الحدس وما تشعر به حيال هذه المواقف – لا ما تفكر به- يكون صائباً إلى حد بعيد.
وهناك حقيقة غريبة ومؤلمة في نفس الوقت قد توقع الإنسان في مفاهيم خاطئة أو إعطاء صور مشوشة لمواقف كثيرة، وهي أن الذكريات تتغير من كل عملية استرجاع لها، وهي معرضة لعوامل الذبول وانعدام الوهج مع مرور الوقت وتقدم العمر، وبالإجمال فإن ذكرياتنا عبر مراحلنا العمرية وتطورنا تخضع إلى حد كبير لقانون التلاشي والاضمحلال، وبالتالي فنحن غالباً ما نتذكر الماضي لا كما هو «كما كان»، بل كما نريد أن يكون نحن من خلال إعادة بناء جديد له يغيره عن واقعه الأصلي والحقيقي، ولا ننسى عامل النسيان الذي هو مرادفٌ للتذكر ومتكاملٌ معه، فنحن نتذكر أشياء عن أحداثنا وصورنا في الماضي وننسى أشياء أخرى، وهذا التجاهل قد يكون مفيداً في بعض الحالات، ومضرّاً في حالات أخرى.
ولا ننسى الطبيعة الإنسانية في أن الناس يتذكرون تجاربهم البارزة «جيدة أو سيئة» ويتذكرون كيف انتهت، ثم يعممون الخبرة الناتجة عنها على الحياة بأكملها، وقد تكون التجربة سيئة مما تعطي خبرات في أغلب الأحيان تقود إلى قرار غير صائب أو العكس، فذلك يفسر ببساطة الطريقة التي تم برمجتنا أنا وأنت عليها كي تكون الحياة أسهل وأيسر في عملية اتخاذ القرار.
ومما سبق نصل إلى أننا نعيش حياتنا في عالم واقعي، ولكي نعيشه بصورة طبيعية، يجب التوصّل إلى فهم حقيقة العالم بأفضل ما يمكننا، ولكن ذلك لا يتم بسهولة إذ تعد حقيقة العالم، وعلاقتنا به من نواح عدة، مؤلمة جدّاً لنا، ولا يمكننا فهمها إلا بكثير من الجهود والمعاناة. لذا نحاول جميعاً الدفاع عن وعينا وإدراكنا في مواجهة الحقيقة والواقع الإدراكي الملموس، ونظراً إلى أننا نعيش أشكالاً من الحياة تتكرر فيها نماذج من التجارب مراراً وتكراراً، فكل يوم نستيقظ في نفس الوقت ونقود ذات المركبة ونسلك نفس الطريق وبنفس الروتين ونعود للمنزل مرة أخرى ونقوم بنفس الأفعال في أغلب الأوقات، والعقل اللاواعي على علم بكل هذا، ويملي تصرفاتنا وسلوكاتنا طوال الوقت ونادراً ما يتدخل العقل الواعي في مسألة صنع اتخاذ القرار، إلا أن العقل الواعي هو المبرر والمسوغ الوحيد لردود الأفعال اللاواعية والقرارات الناتجة عنها والصادرة من العقل الباطن. لذا ينبغي علينا السعي إلى زيادة الثقة بعقولنا وبقدراتها، والفهم الصحيح لطبيعة عملها، وأن نتخلص من الخبرات والذكريات السيئة باعتبارها عائقة لنا ولا تناسب طبيعة البيئة الحالية وطريقة تعايشنا معها وتفهمنا لها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.