الطبقة المتوسطة هي العمود الفقري للمجتمعات الحديثة، فعليها يعتمد المجتمع في تحريك عجلة الاقتصاد لأنها تمثل أكثرية اليد العاملة، وبها يتشكل السمت الأخلاقي العام لأي مجتمع، لأنها هي الأكثر اعتناءً بتطبيق القانون واتباع الأنظمة ورعاية العدالة قياساً بالطبقة الغنية التي تنمي ثرواتها دون الأخذ بقيم القانون وبين الطبقة المعدمة التي تبحث عن قوت يومها دون اهتمام بشكل القانون الذي يحكمها ولا ماهيته. وبما أنني جزء من أبناء الطبقة المتوسطة، فلعلي أملك لسان صدق في الحديث عن حالهم، فنحن نحتفل بمناسبات ما أنزل الله بها من سلطان، ونتسوق في كل شاردة وواردة، ونسيح في عتبات دبي وكأنها الحديقة الخلفية لمنزلنا، وتحت جناحنا من الخدم الكثير، ونقتني جلديات قيمتها تعادل مداخيلنا الشهرية، ونتبجح بأسلوب حياتنا أمام بعضنا وكأننا نملك مفاتيح قارون!، كل هذا وأكثر، فجأة حينما تتغير الأحوال الاقتصادية في البلد ويتم تقليم مداخيلنا نفزع، ونبدأ في الحديث عن الظلم الواقع علينا، باعتبار أن هناك فئة تحتاج لتلقيم مداخيلها قبلنا بحجة عدم الاستحقاق!. لا خلاف على صدق الفزع الذي اعترانا، وهناك شيء من النسبية في تعريف الظلم الذي استشعرنا، ولكن، ألم نظلم أنفسنا أولاً حينما تبنينا أسلوب حياة الطبقة الغنية أو البرجوازية ونحن لا نملك من معاييرها سوى المظهر، ألم نظلم أنفسناً أولاً حينما قررنا التمتع باللحظة دون الاهتمام بمقومات تعريفنا كطبقة رئيسة مسؤولة عن تشكيل هيكلة مجتمع بأكمله، من خلال اعتنائنا بقيمة القانون وفصل السلطات وبمنظمات المجتمع المدني وإقامة نقابات مهنية، ألم نظلم أنفسنا أولاً حينما جعلنا الغاية هي المداخيل المادية دون أن نعتني بما يكفل استدامتها!!؟ جمان: هي خمسٌ عجاف حتى نهاية العام 2020م علينا كمتوسطي الدخل، لذا شدوا الحزام وما حصدتم فذروه في سُنبله إلى أن يعاود المنحنى الاقتصادي اتجاهه للأعلى.