ليس أدل على عدم مطابقة الصفة للموصوف، من وصف معظم زيارات المسؤولين «بالتفقدية»؛ وهي في الواقع قد تشتمل على كل شيء سوى «التفقد»، بمعناه الإيجابي، إدارياً ورقابياً، بل إنها تحولت إلى أحد أمراض «البيروقراطية» المزمنة، وأصبحت من أبشع التشوهات الإدارية المترهلة، ومن العدل والإنصاف أن يتغير مسماها إلى (الزيارات المفقودة)..! تلك الزيارات «الممسوخة»، انزاحت كل عناصرها، عن أهدافها الأصيلة، وابتعدت -كمنظومة متكاملة- عن سياقاتها الطبيعية؛ فتحولت من الواجبات الوظيفية إلى الاحتفالات الشكلية، التي أصبحت مصدراً للهدر المالي، مع ما يصاحبها من التزييف، والتضليل، وعمليات التجميل العاجلة، و«مسرحيات» الترقيع والتلميع، حينما تحول المسؤول الزائر من (موظفٍ) يؤدي واجباً من صميم عمله، إلى (ضيفٍ) تُقام له المهرجانات، وتعد له الولائم، ويُحرق له البخور، ليحترق تحت أضواء الفلاشات..! أسوأ مخرجات تلك الزيارات؛ تكريسها هذا النمط الفاسد، حتى أصبح عرفاً إدارياً، يصنع نوعاً من «التواطؤ الصامت»، بين الضيف والمضيفين، فلا يرى إلا ما يريدون، ولا يَسألُ عما يخفون، أما أهم الخاسرين والمتضررين؛ فمقدرات الوطن، ومصالح المواطنين، والأخطر من ذلك كله؛ تسرب فيروساتها المعدية، إلى مكونات الأخلاق والقيم، واستمراء بعض السلوكيات، الإدارية، والمجتمعية، والإعلامية، كالكذب، والتدليس، والتزلف، والتملق، والتطبيل، والاستجداء، وما سواها من السلبيات..! ختاماً؛ من واجب الجهات العليا، وبشكلٍ عاجل، إصدار نظامٍ شامل وصارم، ينظم فوضى زيارات المسؤولين، لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين، وإلى حين صدور ذلك النظام، يتم تجميد الزيارات، (ويا دار ما زارك مسؤول)..! (تلويحة عتب): إلى المسؤول، الذي زار إحدى المناطق «وزيراً»، بعد أن غادرها -قبل ثلاثة عقودٍ- «طالباً»؛ ماذا عن «الملفات الساخنة»، و«الأحداث الغريبة»، التي أشغلت الرأي العام في المنطقة، قبل زيارتك، وأثناءها، وبعدها؟!