خلال الأيام التي سبقت العيد الفائت؛ لم ينقطع الاتصال الهاتفي بين شهيد الواجب الجندي، نواف محماس ضيف الله العتيبي، والعائلة في حائل، إذ حاول إقناع والده بالقدوم إلى الدمام التي يعمل فيها منذ 6 سنوات؛ لقضاء عطلة الأضحى. ويروي والده محماس، الذي التقته «الشرق» أمس في مجلس العزاء في حي الورود (شرق حائل)، أن الشهيد كان مثالاً للابن الصالح؛ وكان دائم الاتصال بمسقط الرأس رغم قضائه ساعاتٍ طِوال يومياً في عمله في السلك العسكري. وأعلنت وزارة الداخلية، الأحد الماضي، استشهاد العتيبي ورئيس الرقباء، موسى القبي، إثر إطلاق نيران على دوريةٍ أمنيةٍ في سوق الخضرية في الدمام. ووفقاً لأخيه زياد؛ التحق نواف العتيبي (29 عاماً) بالسلك العسكري قبل 6 سنوات وعُيِّنَ مباشرةً في المنطقة الشرقية، وكان يتمنى نقله إلى حائل في محاولة منه للوجود على الدوام بجانب أسرته خصوصاً أنه كان الأخ الأكبر ل 2 من الذكور و4 من الإناث. وبدا الأب حزيناً على وفاة ابنه، لكنه أكد أن الموت حقٌ على النفس البشرية، وحمِدَ الله على وفاة نواف شهيداً ومدافعاً عن الوطن وممتثلاً للقيادة. وينقل الأب عن أحد زملاء الشهيد: «نواف قبل خروجه (إلى الدورية) صافحنا وكأنه مودِّع». ويشير محماس، المتقاعد من العمل الحكومي قبل 4 سنوات، إلى ما عرِفَ عن ابنه من إخلاص وتميُّز في عمله. ويلاحظ الأب أن الجناة لم يراعوا حرمة النفس أو حرمة الوطن والحفاظ على مكتسباته. ويقول عنهم: «لم يبالوا بحرمة النفس التي حرمها الله إلا بالحق، استباحوا الدماء بغير وجه حق، ونسأل الله أن يرد كيدهم في نحورهم ويحفظ على بلادنا في ظل قائدها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمنها ورفاهيتها، وأن يسدد الله خطاها لما فيه مصلحة المسلمين جميعاً». وفضلاً عن الأسرة الكبيرة؛ كان للشهيد أسرته الصغيرة التي لازمته في الدمام حيث يعمل، وتتألف من الزوجة والطفل عيسى ذي الأشهر ال 6. وفي ال 25 من ذي القعدة الفائت؛ ودّع العتيبي مسقط رأسه حائل للمرة الأخيرة وعاد إلى الشرقية بعدما انقضت إجازته. وفي عزائه؛ استمعت «الشرق» إلى شهاداتٍ من الحاضرين عن اتسامه بالأخلاق وحفاظه على الصلاة وكونه أحد شبان قبيلته البارّين. وأجمع ذووه على أن الشهادة في سبيل الوطن موقف شرف. وعبَّر أحد أعمامه، العميد نايف العتيبي، عن ثقته في أن الجناة سيجدون عقابهم. وقال: «نحن على أمل أن العدالة ستطال يد وعنق كل من يحاول زعزعة أمن واستقرار هذا الوطن». وشدد العميد نايف: «جميعنا جنود مجندة لخدمة الدين والوطن»، مبيِّناً أن ابن أخيه تلقى رصاصتين غادرتين من المجرمين وهو يؤدي مهمته التي أقسم على القيام بها». وشدد عمٌ آخر للشهيد، وهو سعود العتيبي، على أن «ثقتنا كبيرة في ولاة أمرنا، فنحن خلف قيادة حكيمة، ونعلم أهداف المارقين هي الإساءة إلى وطننا»، منبِّهاً: «لكن لن نسمح لهم أبداً، كلنا نضحي بأنفسنا من أجل الوطن». وتحدث سعود عن جنود الوطن بصفةً عامة، وأثنى على أدوارهم، واصفاً إياهم بالبواسل ذوي المواقف المشرِّفة، لافتاً إلى أدائهم واجبهم دفاعاً عن الوطن. وأثناء وجود «الشرق» في مقر العزاء؛ استقبل الأب محماس وإخوته مدير دوريات الأمن في منطقة حائل، العقيد راشد رشيد الرشيدي، الذي سلَّم مساعدةً ماليةً لأسرة الشهيد بناء على توجيهٍ من ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز. وعبَّر والد الشهيد عن شكره وتقديره لولي العهد، داعياً الله أن يحفظ بلادنا العزيزة من أي سوء ومكروه. فيما رثى سلطان العتيبي، وهو مهتم بالشعر، ابن عمه الشهيد بقصيدةٍ بالعاميَّة ختمها ب «دون الوطن حنّا على درب نواف .. نموت فيه بعزنا ونحيا به».