حملت أقلامها وأحلامها على كتفها وجمعت كتبها وأوراقها وصورها وبعضاً من ذكرياتها وقبلات محبة ودعاء من والديها، وسافرت إلى خارج الوطن. تحمل في قلبها وطنها الغالي، الذي أحبته وعاشت فيه أجمل سنوات عمرها. ودّعت أسرتها الصغيرة بدموع غزيرة، فهي لم تتوقع أن تفارق هذا المكان في يوم من الأيام، ولكنها الأقدار. حملت معها الإصرار والعزيمة. كانت فتاة قوية طموحة، لم تهاب الاغتراب وفقدان الأهل والأحباب. رحلت إلى خارج الوطن وهي في سن مبكرة، ولكنها كانت أكبر من سنها عندما واجهت حياة الغربة بصبر وقوة إيمان. غادرت وطنها ليس من أجل السياحة والاستجمام، ولكن من أجل إكمال دراستها العليا، ولتعود بعد ذلك لتخدم وطنها بكل الحب. إنها «بشاير» تلك الفتاة الصغيرة الحالمة، التي أعجبت بها وبطموحها وبحماسها، والتي تعيش في الخارج متحدية كل الصعاب التي تواجهها، تبحث عن الإنجاز وعن التفوق وعن تشريف هذا الوطن. بشاير فتاة سعودية تدرس في إحدى الجامعات البريطانية، يحق لنا أن نفخر بها وبغيرها من بنات هذا الوطن. لقد شدتني جداً محافظتها على هويتها الإسلامية والتزامها بالحجاب، رغم كل المضايقات التي من حولها. لم تبهرها مظاهر الغرب الصاخبة، ولم تنخدع بكل ما يدعوها إلى التخلي عن حجابها. لم تعلن تمردها على عاداتها وعلى أصالتها و تقاليدها. لم يؤثر فيها كل ما حولها من تبرج وسفور وبعد عن الدين. كانت سفيرة صادقة لوطنها وشعبها، فتركت انطباعاً طيباً عن الفتاة السعودية. تحلم بأن تحقق في مجال دراستها أفضل النتائج، وتقول إن الوطن يستحق منها بذل كل الجهد من أجل أن تعود وتشارك في خدمته. بشاير الفتاة الصغيرة في سنها، والكبيرة في عقلها ومكانتها، لاتزال تواصل تعليمها، وتحقق المزيد من التفوق والإنجاز، وهذا ليس بغريب على أبناء وبنات هذا الوطن، الذي قدم الغالي والنفيس من أجل أن يرتقي بأبنائه إلى هامات المجد، وإلى تحقيق أفضل الإنجازات. شعرت بالفخر والاعتزاز وأنا أشاهد فتاة من وطني بهذه الصورة الرائعة المشرقة والمشرفة، وبهذا الطموح وهذا الإصرار على التفوق والنجاح. وقفة: (من يهني السنابل في ليالي عرسها.. كل شعب الجزيرة اللي تعب في غرسها).