سُئلت كثيراً عن تجربتي في الجمع بين إبداع القصة والكتابة الدرامية لها؟ كل نص قصصي ليس بالضرورة أن يصلح للمعالجة الدرامية، فالنص لابد أن يكون غنياً بالأحداث والشخصيات، لكن ال «سيناريست» أو كاتب السيناريو، يستطيع تحويل قصة قصيرة إلى فيلم سينمائي متعدد الشخصيات مملوء بالمفاجآت، كما حدث لقصَّتَي: «الشموع السوداء»، و «الكيت كات»، وما حدث لريما حنا كاتبة سيناريو رواية «ذاكرة الجسد» التي قالت إنها عانت كثيراً، لأن الرواية فقيرة من حيث زخم الأحداث والشخصيات المؤثرة عدا البطل والبطلة، لذا غالباً ما يعترض الأديب على تحويل قصته إلى عمل درامي أو سينمائي، لأن كاتب النص السينمائي يعتمد على رؤية سينمائية أو درامية مختلفة عما يراه، وهو ما يستدعي إعادة صياغة النص، وبناء شخصياته، وتفريخ أحداث تثري الحبكة الدرامية، وتلك دائماً نقطة الخلاف بين كاتب القصة وكاتب السيناريو. تجربتي في كتابة الدراما مستقاة من خبرتي في دراما الإذاعة. مسلسل «قصة من الأدب السعودي» المنتج للقناة السعودية الأولى، الذي أعيد بثه مع افتتاح القناة الثقافية، هو أول تجربة لي مع الدراما التليفزيونية عام 2005. المسلسل أنتجه الفنان محمد بخش، بطل مسلسل «حارة الشيخ»، وهو في ثلاثين حلقة، كل حلقة تتناول قصة من الأدب السعودي، اخترتها من مراحل مختلفة من أدبنا السعودي ورواده ومنهم أحمد السباعي في قصته «صبي السلتاني»، وقصص حديثة للجيل التالي لجيل الرواد، ومنها قصة محمود المشهدي «الريال الفضة»، و»التجربة» لعبدالله الجفري، والقصص المعاصرة، ومنها قصة محمود تراوري «طارق بليل»، و»بياض الفضة» لعبدالله باخشوين، و»الجنازة الأخيرة» لخالد خضري، و»دق ودفع» لمحمد عجيم، إضافة إلى قصص أخرى لكل من حسن النعمي، وهند باغفار، ومحمد علوان، وعبدالعزيز الصقعبي، وشريفة الشملان. العلاقة بين القصة أو الرواية، والشاشة الفضية والسينمائية هي علاقة تقوم في بنيتها على النص القصصي أساساً، فلا يوجد عمل سينمائي، أو درامي تليفزيوني جيد إلا بوجود نص قصصي مستفز جيد، فأعمال أدبية عالمية مشهورة مثل «ذهب مع الريح»، و»مرتفعات ويذيرنج»، و»العجوز والبحر»، و»جين إيير»، و»البؤساء»، و»شيفرة دفنشي»، أُنتجت للسينما بشكل رائع، أما عربياً فنذكر أعمالاً لطه حسين، ويوسف السباعي، ويوسف إدريس، وإحسان عبدالقدوس، ونجيب محفوظ، والأخير قام بإعداد السيناريو لمعظم قصصه التي تحولت إلى أفلام سينمائية، وقصة أحلام مستغانمي «ذاكرة الجسد». هناك فرق كبير في معالجة النص درامياً للإذاعة أو للسينما والتليفزيون، فالدراما الإذاعية تحتاج إلى الحوار، وتجسيد المواقف عبر المؤثرات السمعية، أما الدراما التليفزيونية، فهي في حاجة إلى «تكنيك» يقوم على الحوار، ومناخ الحوار، وديكور المشاهد، أو ما يسمى بالسيناريو، حيث يتم الاعتماد على المؤثرات السمعية والبصرية، ورسم المناخ وتضاريس المكان، كما أن لكل فن «تكنيكاً» ومهارات خاصة به لمعالجة النص القصصي المكتوب للدراما.