كشف وزير الثقافة والإعلام، الدكتور عادل بن زيد الطريفي، عن إنشاء صندوقين لدعم المثقفين والفنانين وتوجُّهٍ لتأسيس مجمَّعٍ ملكي للفنون، فيما دعا إلى التفرقة بين «المخالفة الصحفية» و«الجريمة الصحفية». ووعد الوزيرُ بتحولاتٍ في الوزارة على المدى القريب تتضمن مجموعةً من المبادرات كمبادرة تكريم الرواد، في حين حذَّر من حساباتٍ مزوَّرة تشن حرباً إلكترونية شرسة ضد المملكة. وجاءت تصريحاته خلال لقاءٍ صحفي عقده مساء أمس الأول في الطائف عقب تدشين النسخة العاشرة من سوق عكاظ. ووصف الدكتور الطريفي سوق عكاظ بتجمع ثقافي كبير بات رمزاً للعرب ولسماحة الدين الإسلامي وتعبيراً عن الصورة الرائعة للمملكة في عيون العالم. ولاحظ أن السوق لم يعد تجمعاً على مستوى المملكة فحسب بل أصبح دولياً «حيث شاهدنا فنانين من مختلف أرجاء العالم كانت لهم إسهامات وحصلوا على جوائز». وشدد «لم نكن لنسعد بمثل هذه الفعاليات والأنشطة؛ لولا الله ثم هذا الأمن والأمان الذي تعيشه المملكة»، رافعاً الشكر والتقدير إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ونائبه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. كما رفع الشكر إلى كافة الجنود البواسل وقوات الأمن الداخلي على ما يبذلونه لحفظ وسلامة الوطن وحماية مقدراته والذود عن ترابه فضلاً عن حماية المواطن. وانطلق فعاليات سوق عكاظ مساء الثلاثاء في مقره بمنطقة العرفاء التابعة للطائف، حيث افتتحها مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل، تحت رعاية الملك سلمان بن عبدالعزيز. ورفع وزير الثقافة والإعلام شكره وتقديره إلى خادم الحرمين الشريفين على رعاية تظاهرة «سوق عكاظ» التاريخي. وأعرَب باسمه واسم المثقفين عن الشكر لرئيس اللجنة الإشرافية على سوق عكاظ الأمير خالد الفيصل، على جهوده الواضحة بوصفِه أحد رواد الفكر والثقافة والفنون في هذا المهرجان الذي أثبت نجاحه عاماً بعد آخر من خلال عدد الزوار الهائل الذي يشهده كلَّ عام، مما جعله مفخرةً للمملكة ونقله من الإطار المحلي إلى العالمية. وتحدث الطريفي، خلال اللقاء الصحفي، عن حاجةٍ استدعت تنظيم دورات تدريبية خاصة بالإعلام الحربي. وكشف «لدينا مجموعة من البرامج التدريبية لتشجيع الجيل القادم من الشباب على التغطيات الحربية»، مبيِّناً أن طواقم من القناتين الأولى السعودية والإخبارية فضلاً عن الإعلام الخاص تنسق مع وزارتي الدفاع والداخلية وعددٍ من الوزارات لنقل الأحداث في منطقة الحد الجنوبي منذ بدئها. وبعد مرور أكثر من عام على انطلاق هذه التغطيات؛ رأى الطريفي أنها كانت إيجابية كونها أكسبت كثيراً من الصحفيين الخبرة. وقال «أنا فخورٌ بهم، حيث تعرَّض بعضهم لحوادث على الحد الجنوبي، وأصيب بعضهم، وهؤلاء أيضاً جنود وأبطال، وهم الصحفيون والإعلاميون الذي يقفون بين جنودنا البواسل»، متابِعاً «الحاجة استدعت بعد هذه التجربة عمل دورات تدريبية خاصة بالإعلام الحربي». في شأنٍ آخر؛ أشار الوزير إلى تحولاتٍ تشهدها «الثقافة والإعلام» في المستقبل القريب. ومن بين هذه التحولات إطلاق مبادرات كمبادرة تكريم رواد الإعلام والثقافة والصحافة الأحياء والمتوفّين، ممن كان لهم أثر في النهوض بدور الإعلام بالمملكة. وخصَّ الطريفي بالذكر المذيع الراحل ماجد الشبل. فيما أكد أن الصحافة السعودية تعد جزءاً لا يتجزأ من مرحلة التغيُّر في الوزارة، مشدداً على الحرص على مشاركة جميع الإعلاميين في هذه المرحلة. في هذا الصدد؛ تحدَّث الوزير عن قرب تنظيم الوزارة 14 ورشة عمل وطنية خاصة تُنفَّذ في مختلف المناطق وتشمل مجالات الإذاعة والتليفزيون والإعلام الخارجي والإعلام المرئي والمسموع، إضافةً إلى الفن التشكيلي والمرأة والطفل ومجموعةٍ من المجالات الأخرى المرتبطة ب «الثقافة والإعلام»، ومنها ما يتعلق بالجوانب التقنية والفنية. وأولى هذه الورش ورشةٌ خاصةٌ بهيئة الثقافة -التي صدرت الأوامر السامية بإنشائها- تُنفَّذ في مدينة الرياض، إذ تم تشكيل لجنة مؤلفة من 15 عضواً من المثقفين والمثقفات السعوديين، وسيتم الإعلان عنها خلال الأيام المقبلة. إلى ذلك؛ أفصح الطريفي عن إدخال تطوير تقني على معاملات المخالفات الصحفية سيتم تفعيله بعد 10 أيام. وبموجب التطوير؛ سيتم إرسال رقم المعاملة بعد استكمال بياناتها وموعد الجلسة والإخطار بالحكم على الهاتف الجوال. فيما سيتم تعليق لوحة قياس داخل بهو «الثقافة والإعلام» تشير إلى كافة القضايا المعلَّقة دون تحديد الأسماء نظراً لكون القضايا خاصة. ودعا الطريفي إلى التفرقة بين أمرين هما «المخالفة الصحفية» و»الجريمة الصحفية». وأوضح «إذا كانت الكتابة خطأً صحفياً؛ فإن هذا من اختصاص اللجان الابتدائية»، معتبراً أن من الواجب مساندة الصحفيين والكتَّاب عند وقوعهم في أخطاء. واستدرك «لكن من المناسب أيضاً أن يبادر المخطئ بالاعتذار وتصحيح الخطأ». ووفقاً له؛ فإن لدى الوزارة لجاناً ابتدائية تنظر في القضايا التي تمس أمن الوطن، وهي لجان صدرت بمرسومٍ سامٍ وتختص بفحص المخالفات الصحفية. وأفصح الوزير عن نظامٍ إلكتروني آخر ستصدره الوزارة خلال أيام لمراجعة الكتب قبل إصدارها. وقال «اليوم أبشِّرُكم بأنه سيتم إصدار نظام خاص خلال الأسابيع القادمة، وسأقوم بمراجعته أولاً مع زملائي في الوزارة وبعض الكتّاب»، معتبراً أن النظام الجديد سيُغني عن الحاجة إلى لجنة إلا لمعرفة ما إذا كان الكتاب مزوَّراً أو محرَّفاً أو يضم اقتباساً من كتاب آخر. ولجأت «الثقافة والإعلام» إلى التقنية أيضاً لإصدار «الرزنامة الثقافية» كتطبيقٍ على الهواتف الجوالة. وأوضح الطريفي «الوزارة أنشأت موقع الرزنامة الثقافية الذي يتيح لكلِّ مواطن أو مقيم أو زائر إلى المملكة معرفة الفعاليات الثقافية والأدبية والتشكيلية عبر تطبيق على الهاتف الجوال، ليختار الفعالية التي يريد الذهاب إليها». ويتيح التطبيق نفسه التعرف على فعاليات الأندية الأدبية الموجودة في المناطق. واعتبر الطريفي أن المملكة تشهد طفرةً في قطاع الثقافة عموماً، مشيراً إلى كون الشعب السعودي من أكثر شعوب العالم اقتناءً للكتاب، وهو ما يعكسه الإقبال الشديد من مختلف فئات المجتمع، خصوصاً النساء والأطفال، على زيارة معرضي الكتاب السنويَّين في الرياضوجدة. وفي شأنٍ مختلف؛ حذَّر الوزير من الحسابات الحاقدة المزوَّرة «التي تريد اختراق جسد أمتنا وتماسكنا وتلاحمنا قيادةً وشعباً». وطالب بمجابهة هؤلاء الأعداء «الذين يتحدثون لغتنا ويتقنَّعون بصورنا وأسمائنا». ووفقاً له؛ تم بالفعل إيقاف كثيرٍ من تلك الحسابات وتعطيل قدرة أصحابها على بث سمومهم، وهو ما يؤلمهم، فيما نحن مستمرون في الدفاع عن وطننا. ورأى الطريفي أن المملكة، ونظراً لدورها العربي والإسلامي والعالمي وعضويتِها في مجموعة العشرين وتأثيرها الثقافي وإنجازاتها في قطاعي الطاقة والصناعة، تواجه حرباً شرسة عبر مواقع التواصل الاجتماعي عبر حسابات مزوَّرة ومزيَّفة تبث حقدها وسمومها من خارج المملكة وتستخدم أسماء وصور مواطنين سعوديين تتحدث بلغتهم «من أجل أن تنفث خبثها وسمومها في جسد هذه الأمة، عبر تغريدات ومقاطع فيديو لكسب أتباع من الداخل، والتأثير على المواطن بحربها الإعلامية النفسية بالتجريح والنقد غير الموضوعي في منجزات الوطن والتشكيك في ما تقدمه الدولة من خدمات للمواطن والمقيم والزائر». وشدد الطريفي على أهمية تعزيز مفهوم الوطنية، متابعاً بقوله «وطننا الشامخ الذي أسسه الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وأبناؤه الملوك البررة من عهد الملك عبدالعزيز، وصولاً إلى عهد الملك سلمان، ولا ننسى الملك عبدالله بن عبدالعزيز (رحمه الله)، وما قام به للمثقفين والمثقفات». وأكد الطريفي ضرورة إبراز مفهوم الوطنية من خلال الفنون بوصفها لغة التخاطب مع العالم، مستدركاً «ونحن مقصِّرون تقصيراً كبيراً جداً، فنحن لا نتحدث إلى العالم». وخلال اللقاء نفسه؛ أفصح الطريفي عن إنشاء صندوق لدعم الفنانين والفنانات، وآخر لدعم الأدباء والأديبات والمثقفين والمثقفات وحثِّهم على إنتاج أعمال فنية وأدبية. ووفقاً لتأكيده؛ لن يقتصر دعم الصندوقين على الموجودين على رأس العمل، إنما سيصل إلى المتقاعدين. وشكَر الطريفي جميع وزراءِ الإعلام السابقين على جهودهم، معتبراً إنشاءَ مدينةٍ للإنتاج الإعلامي ضرورةً «حيث ستتم دراسة الأمور التي لم تكن موجودةً في السابق»، مؤكداً وجود توجُّه لدى «الثقافة والإعلام» لإنشاء مجمعٍ ملكي للفنون يضم أكاديمية ملكية للفنون تُعنى بتدريس الإخراج التليفزيوني وجميع العلوم المرتبطة بحقل الإعلام حديثِه وقديمِه.