أيها القراء الأعزاء: خلق الله الذكر والأنثى من بني البشر وجعل لكل منهما خصائص نفسية وعضوية تختلف عن الآخر، وذلك لكي يكمّل بعضهما الآخر.. والحق سبحانه حينما عرض قضية الليل والنهار وهي قضية كونية لا يختلف فيها أحد، ولا يمكن لأحد أن يعارض فيها؛ لأننا جميعاً نجعل الليل للسكن والراحة، والنهار للكدح، أتى بهذه القضية ليقدمها إيناساً بالقضية التي يمكن أن يختلف فيها، وهي قضية الرجل والمرأة، فقال: «والليل إذا يغشى* والنهار إذا تجلى* وما خلق الذكر والأنثى* إن سعيكم لشتى». نوعان للزمن، ونوعان آخران يمكن أن يختلف فيهما، فكان للّيل مهمة، وللنهار مهمة، وكان تبعاً لذلك للرجل مهمة، وللمرأة مهمة… وأكد ربنا هذه الحقيقة فقال سبحانه وتعالى: «وليس الذكر كالأنثى»، ففهمنا أن الذكر يختلف عن الأنثى، وأن الأنثى تختلف عن الذكر أيضاًً.. لقد سمعت أزواجاً وزوجات يقولون: إن الرجل بحر غامض والمرأة لغز كبير.. والموضوع بمنتهى البساطة بعيدٌ عن الألغاز والغموض فإن هناك فروقاً مهمة بين الرجل والمرأة، وإن فهم طبيعة هذه الفروق بين الجنسين من شأنه أن يغير حياتهما ويزيد من قدرتهما على التعايش الزوجي، ويجنبهما كثيراً من المشكلات والصعوبات، التي يمكن أن يؤدي عدم فهمها إلى تفكيك هذه العلاقة الزوجية، وهدم الحياة الطيبة وأعني بذلك الانسجام وهذا لا يمكن أن يأتي في عشية وضحاها بل حتى يعرف كل منا كيف المدخل إلى مفتاح قلب الآخر بمعرفة طبيعته، فالرجل عالم والمرأة عالم؛ فهما عالمان متغايران ولكنهما في نفس الوقت شقيقان لبعضهما، ولذلك من الخطأ أن تأخذ المرأة وظيفة الرجل أو أن يأخذ الرجل وظيفة المرأة، فلكل واحد منهما طبعه وقدرة معينة تختلف عن الآخر، وإذا تجاهلنا هذا الشيء إعجاباً وتقليداً لغيرنا فقل على الحياة الأسرية السلام، فنقول لدعاة حقوق المرأة إن من حقوقها أن نعترف ونقر أن لكل منهما قدرة بل وعالماً يختلف عن الآخر، فهما متساويان في التكاليف والحقوق ويختلفان في غير ذلك مما يخالف طبيعة وخلقة الآخر، فهل يعي بني جنسي من الرجال هذا الكلام ويتركون المزايدة في قضية المرأة التي أصبحت سلماً سهلاً للأضواء والشهرة.