دعا الاتحاد الأوروبي بكين ومانيلا إلى «حل خلافهما» بشأن بحر الصينالجنوبي «بطريقة سلمية»، بينما أشاد مسؤولٌ فلبيني بقرار التحكيم الدولي في النزاع. وقضت محكمة التحكيم الدولية الدائمة، الثلاثاء الماضي في لاهاي، بعدم أحقية بكين في مطالِبها بالسيادة على معظم أنحاء البحر الجنوبي. وحثَّ الاتحادُ الأوروبي، في بيانٍ له أمس، على «احترام القانون الدولي». في الوقت نفسه؛ أعلنت وزيرة الخارجية الأوروبية، فيديريكا موغيريني، أن «الاتحاد لا يتخذ موقفاً حول جوانب السيادة في هذا الخلاف الحدودي» الذي أعاد التوتر بين بكين ومانيلا. وكان الاتحاد ينوي إصدار بيانه فور إعلان حكم محكمة التحكيم الدائمة. لكن عدداً كبيراً من دول شرق أوروبا عرقلت إصداره، كما ذكرت مصادر دبلوماسية. ومن بين هذه الدول كرواتيا وسلوفينيا التي رفعت خلافاً حدوديّاً على الساحل الأدرياتيكي أمام المحكمة نفسها. وتطلَّب التوصل إلى اتفاقٍ على صيغة البيان عقد اجتماعاتٍ عديدةٍ بين سفراء أعضاء الاتحاد ال 28. وينطوي البيان على «ممارسة توازن رسمي»، كما قال أحد الدبلوماسيين طالباً عدم كشف هويته. واكتفى الاتحاد ودوله الأعضاء ب «الاعتراف بالتحكيم الذي أصدرته محكمة التحكيم، انطلاقاً من العزم على الحفاظ على النظام في البحار والمحيطات الذي يستند إلى مبادئ القانون الدولي»، وفق المصدر نفسه. واعتبر البيان أن «من الضروري توصُّل أطراف هذا النزاع إلى حلِّه بطريقة سلمية وتوضيح مطالبهم ومتابعتها في إطار من الاحترام وطبقاً للقانون الدولي». ولاحظ دبلوماسي آخر أن مسألة الصين ستكون «أحد المواضيع الساخنة» خلال اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين الإثنين المقبل في بروكسل. وعلَّق دبلوماسي قائلاً «لدينا موقف على صعيد القانون، لكننا نحتاج من جهة أخرى إلى الصين في مجموعة أخرى من المواضيع». وتحتل الاستثمارات الصينية المرتبة الأولى في الاتحاد الأوروبي. في غضون ذلك؛ وصف المحامي العام الفلبيني، خوسيه كاليدا، قرار محكمة التحكيم الدولية ب «وسام يتوِّج القانون الدولي». وجاءت تصريحاته، التي ستثير بالتأكيد غضباً صينيّاً، بعد يومين من الردود الحذرة من جانب بلاده. وحتى الآن؛ تحرص الفلبين على عدم قطع تواصلها مع الصين على أمل إطلاق حوار بينهما يسمح بممارسة الأولى ما وصفه قرار التحكيم ب «حقوقها البحرية السيادية في بحر الصينالجنوبي». واعتبر كاليدا، خلال مؤتمرٍ صحفي أمس، أن الحكم «يؤكد أنه لا يمكن لأي دولة منفردة زعمَ سيادتها فعليّاً على بحرٍ بأكمله». وشدَّد «الحكم نصر تاريخي ليس فقط لبلادنا، إنه يجدد ثقة الإنسانية في نظام عالمي يرتكز على قواعد»، متابعاً «الحكم يفتح أفق الاحتمالات لجميع المعنيين، وهو وسامٌ يتوِّج القانون الدولي». ورفضت الصين الاعتراف ولم تشارك في جلسات القضية، ثم أطلقت ردود فعلٍ غاضبة على دعوة الدول الغربية إياها الالتزام بالقرار. وأعلنت وزارة الخارجية الصينية، أمس، أن موقف بكين حيال القضية يحوز على دعم لاوس الرئيس الحالي لمنظمة دول جنوب شرق آسيا. وناقش رئيس الوزراء الصيني، لي كه تشيانغ، مع رئيس وزراء لاوس، ثونجلون سيسوليث، القضية قبل بدء قمةٍ إقليميةٍ الجمعة في منغوليا. و»قال ثونجلون إن لاوس تدعم موقف الصين وتنوي العمل معها للحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة بحر الصينالجنوبي»، بحسب بيان الخارجية الصينية. وتطالب بكين بالسيادة على معظم البحر الذي تمر عبره حركة تجارية تقدر قيمتها ب 5 تريليونات دولار سنويّاً، فيما تتنازع على السيادة عليه كلٌّ من بروناي وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام. وكسر الرئيس الفلبيني، رودريجو دوتيرتي، صمته بشأن القضية الخميس، وأكَّد رغبته في الحوار مع بكين، كاشفاً عن بحثِه احتمال إيفاد الرئيس الأسبق لبلاده، فيدل راوس، إلى الصينيين لبدء العملية. وأقرَّ دوتيرتي «الحرب ليست خياراً»، متسائلاً «إذاً ما البديل؟ المحادثات السلمية». ويفيد مسؤولون في الإدارة الأمريكية بأن الولاياتالمتحدة، وهي حليف رئيس لمانيلا، تحثُّ الدول الآسيوية على عدم التسرع في اتخاذ إجراءاتٍ قويةٍ بعد حكم المحكمة. وجاء في بيانٍ للبحرية الأمريكية أن قائد العمليات البحرية، جون ريتشاردسون، سيناقش القضية لدى لقائه قائد بحرية الصين، وو شينغ لي، في رحلةٍ تبدأ غداً الأحد وتستمر ل 3 أيام «لتعزيز التفاهم المشترك». في سياقٍ متصل؛ دعا رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، نظيره الصيني، لي كه تشيانغ، إلى احترام أي نظامٍ دولي مستندٍ إلى قواعد. وعقد آبي محادثات مع تشيانغ على هامش قمة أولان باتور عاصمة منغوليا. ونبَّه آبي، في كلمته أمام المؤتمر، إلى ضرورة مناقشة الحضور مسألتي كوريا الشمالية وبحر الصينالجنوبي وغيرهما. لكن وكالة أنباء «شينخوا» الصينية الرسمية نقلت عن تشيانغ أنه أبلغ نظيره آبي «يجب أن تكفّ طوكيو عن التحريض والتدخل في مسألة بحر الصينالجنوبي».