حلت ألمانيا بطلة العالم العقدة الإيطالية بعد ثماني محاولات فاشلة في البطولات الكبرى، وأسقطتها بشق الأنفس 6-5 بركلات الترجيح بعد تعادلهما 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي، في بوردو ضمن ربع نهائي كأس أوروبا 2016 لكرة القدم المقامة في فرنسا حتى يوليو. وسجل لاعب الوسط مسعود أوزيل هدف ألمانيا منتصف الشوط الثاني (65) وعادل ليوناردو بونوتشي «78 من ركلة جزاء»، لتضرب ألمانيا موعداً مع الفائز من مباراة فرنسا وأيسلندا الأحد المقبل في باريس. وشهدت ركلات الترجيح إثارة كبرى، فأهدرت ألمانيا ثلاث مراتوإيطاليا أربع مرات إذ تألق حارس ألمانيا مانويل نوير في صد كرتين. وهذا أول تأهل ل «ناسيونال مانشافت» على حساب «سكوادرا أتسورا» في كأس أوروبا أو كأس العالم بعد 4 هزائم و4 تعادلات، لتبلغ الأولى نصف النهائي السادس على التوالي في البطولات الكبرى بعد مونديالات 2006 و2010 و2014 وكأسي أوروبا 2008 و2012. وثأرت ألمانيا، بطلة العالم أربع مرات آخرها في 2014 وأوروبا ثلاث مرات آخرها في 1996، من إيطاليا، بطلة العالم أربع مرات أيضاً آخرها في 2006 وأوروبا 1968، التي أسقطتها 2-1 في نصف نهائي النسخة الأخيرة من المسابقة القارية عام 2012. واستهلت ألمانيا مشوارها بالفوز على أوكرانيا 2-0 بهدفي شكودران مصطفى وباستيان شفاينشتايجر ثم تعادلت مع بولندا سلبا، قبل أن تضمن صدارة مجموعتها بفوز ضعيف على إيرلندا الشمالية بهدف مهاجمها ماريو جوميز. وفي الدور الثاني، سحقت سلوفاكيا بثلاثية مدافعها جيروم بواتنج وجوميز والمتألق يوليان دراكسلر. في كأس العالم، فاز الطليان 4-3 في نصف نهائي 1970 في مباراة مشهودة، و3-1 في نهائي 1982 عندما أحرزت إيطاليا لقبها الثالث ثم 2-0 في نصف نهائي 2006 على الأراضي الألمانية في طريقها إلى اللقب الرابع. وفي نصف نهائي النسخة الأخيرة من كأس أوروبا فاز الطليان 2-1 بهدفي ماريو بالوتيلي. وعمد مدرب ألمانيا يواكيم لوف إلى تغيير خطة 4-2-3-1 إلى 3-3-3-1، فدفع بثلاثة مدافعين هم جيروم بواتنج وماتس هوملس وبنديكت هوفيديس، مع جوشوا كيميش على الجهة اليمنى ويوناس هكتور على اليسرى. وضحى لوف بيوليان دراكسلر أحد نجوم مواجهة سلوفاكيا، ليلعب سامي خضيرة وطوني كروس في الوسط وراء مسعود أوزيل وتوماس مولر، فيما أبقى على ماريو جوميو في قلب الهجوم. وكانت ألمانيا سحقت إيطاليا بهذه الخطة 4-1 وديّاً في مارس الماضي. على الجهة المقابلة، غاب عن إيطاليا لاعبو الوسط: تياجو موتا الموقوف، ودانييلي دي روسي وأنطونيو كاندريفا بسبب الإصابة، علماً بأنها افتقدت قبل البطولة أيضاً نجمي وسطها ماركو فيراتي وكلاوديو ماركيزيو. واعتمد المدرب أنطونيو كونتي على خطة 3-5-2 أو 5-3-2 بحسب مجريات اللقاء. وشارك في صفوف الفريق الأزرق ستيفانو ستورارو في الوسط وماركو بارولو أمام ثلاثي الدفاع المرعب جورجيو كييليني (31 عاماً) وأندريا بارزالي (35 عاماً) وليوناردو بونوتشي (29 عاماً)، وخلفهم الحارس المخضرم بوفون (38 عاماً). على ملعب «بوردو» وأمام 40 ألف متفرج، جاء الشوط الأول تكتيكيّاً مع أفضلية نسبية لألمانيا وفرصة خطيرة لإيطاليا في نهايته. وسيطرت ألمانيا على الكرة في أول ربع ساعة، لكن لاعب وسطها سامي خضيرة تعرض لإصابة عضلية في فخذه فحل بدلاً منه باستيان شفاينشتايجر الذي حمل شارة القائد من الحارس مانويل نوير وخاض مباراته الدولية ال 119. وهذه المباراة ال 37 لشفايني (31 عاماً) في البطولات الكبرى «رقم قياسي بالتساوي مع مواطنه ميروسلاف كلوزه». وانتظرت ألمانيا حتى الدقيقة 41 لتحصل على أول فرصة من عرضية للظهير جوشوا كيميش خطفها جوميز برأسه فوق عارضة بوفون. وبعد دقيقة، لم يحسن توماس مولر استغلال هجمة بدأها طوني كروس بتسديدة من خارج المنطقة، إذ أهدرها لاعب بايرن ميونيخ من داخل المنطقة التقطها بوفون (42). بيد أن أخطر فرصة في الشوط الأول، سنحت لإيطاليا، فمن كرة طويلة جميلة لبونوتشي ضربت مصيدة التسلل تسلّمها إيمانويلي جاكيريني وعكسها عرضية أثارت الهلع في منطقة ألمانيا ولم تدرك إيدر أو غراتسيانو بيليه، قبل أن يسددها ستورارو خطيرة ارتدت من بواتنغ إلى ركنية (43). في الشوط الثاني، بكر الألمان في الضغط على مرمى بوفون، فسدد مولر بيسراه كرة قوية خطيرة من حدود المنطقة ارتدت من الدفاع إلى ركنية (54). واشتد الضغط الألماني ما أجبر لاعبي إيطاليا على ارتكاب الأخطاء والحصول على ثلاثة إنذارات في ثلاث دقائق لستورارو وماتيا دي تشيليو وبارولو. ومن كرة طويلة لنوير أخطأ فلورنتسي في تشتيتها، انطلق جوميز بالكرة على الجناح الأيسر ولعب إلى هكتور المندفع من الخلف، فعكسها أرضية مقشرة إلى مسعود أوزيل فتابعها من داخل المنطقة بيسراه في الزاوية اليسرى لبوفون (65). وهذا الهدف ال 20 لأوزيل في 78 مباراة دولية. وكاد جوميز يقتل المباراة عندما تسلم كرة في العمق وهو على حدود التسلل، لعبها خلفية بكعبه رائعة صدها بوفون ببراعة إلى ركنية (68). بدأت إيطاليا تبحث عن الرد في آخر ربع ساعة، فخطف بيليه تسديدة صاروخية من داخل المنطقة مرت بجانب القائم الأيمن لمرمى نوير (74). وحصلت إيطاليا على فرصة ذهبية لمعادلة الأرقام بعد لمسة يد من بواتنغ كان يمكنه تفاديها، فاحتسب الحكم المجري فيكتور كاساي ركلة جزاء ترجمها قلب الدفاع ليوناردو بونوتشي ببرودة أعصاب في الزاوية اليسرى مسجلاً الهدف الأول في النهائيات في مرمى نوير (78). وهذه أول مرة تهتز شباك نوير بعد خمس مباريات متتالية «مع مباراة المجر الإعدادية 2-0». وهذا الهدف الرابع لقلب دفاع يوفنتوس بونوتشي (29 عاماً) في 62 مباراة دولية. وامتصت إيطاليا الضغط الألماني بمرتدة وصلت إلى بيليه على حدود المنطقة سددها برعونة شتتها الدفاع إلى ركنية (81). وجرب الظهير الأيمن دي تشيليو حظه من خارج المنطقة هزت الشباك الجانبي لنوير (89)، قبل أن ينال هوملس بطاقة صفراء ستبعده عن نصف النهائي وينتهي الوقت الأصلي بالتعادل 1-1. وكاد البديل دراكسلر يسرق الهدف الثاني من مسافة قريبة جدّاً بكرة خلفية من فوق ستورارو والبديل ماتيو دارميان لكنها علت العارضة (107). رد لورنتسو إينيسينيي بديل إيدر عندما انسل وراء الدفاع الألماني وسدد بين يدي نوير (113)، ثم اختتم أوزيل فرص المباراة بتسديدة بين يدي بوفون (119). وهذه أول مرة يحتكم المنتخبان إلى ركلات ترجيحية في تاريخ مواجهاتهما ضمن البطولات الكبرى. افتتح إينسينيي التسجيل لإيطاليا وعادل كروس (1-1)، ومن أول لمسة له بعد دخوله في اللحظات الأخيرة بدلاً من كييليني، أهدر سيموني تساتسا فوق العارضة، لكن موسم توماس مولر السيئ مع ركلات الترجيح تواصل عندما صد له بوفون ركلته معوضاً إهدار تساتسا. ومنح بارزالي التقدم للزرق في وسط المرمى، قبل أن يصد القائم الأيسر ركلة أوزيل في وقت ارتمى بوفون للزاوية المعاكسة (2-1). لكن بيليه أهدر برعونة فرصة التقدم 3-1 من كرة أرضية بعيداً عن القائم الأيمن، عادل بعدها دراكسلر (2-2). صد نوير كرة بونوتشي قبل أن يسدد شفاينشتايجر فوق العارضة وتبقى النتيجة 2-2 مهدراً فرصة التأهل. سجل بعدها جاكيريني وعادل هوملس (3-3)، ثم أضاف بارولو الرابع في سقف المرمى وعادل كيميش في زاوية يمنى ارتمى إليها بوفون (4-4). وكاد دي تشيليو يهدر لكن ركلته ارتدت من العارضة إلى الشباك، ليبقي بواتنغ على مسلسل التعادل 5-5. وتواصل حبس الأنفاس مع صد نوير ركلة دارميان، قبل أن يختم يوناس هكتور المواجهة بركلة منحت بلاده بطاقة التأهل (6-5)، متخطية ركلات الترجيح للمرة السادسة على التوالي. وكانت ألمانيا قد أهدرت ركلتي ترجيح فقط من أصل 28 في البطولات الكبرى، بيد أنها أهدرت 3 في مباراة واحدة ضد إيطاليا.