أعلنت واشنطن أنها لم تقترح ما سمَّاها الرئيس الروسي خطةً لضم معارضين لبشار الأسد إلى حكومته الحالية، فيما تحدثت موسكو عن ارتفاع عدد جنودها المقتولين في سوريا إلى 10. وأفاد مسؤول أمريكي، طلب حجب اسمه، بأن موقف بلاده من وجوب رحيل الأسد لم يتغير. وتعليقاً على تصريحات فلاديمير بوتين صباح أمس؛ صرَّح المسؤول «لا يوجد مثل هذا المقترح». وأشار إلى بيان جنيف 2012 الذي يدعو إلى تشكيل «هيئة حكم انتقالية يتفق عليها الطرفان وبصلاحيات تنفيذية»، وهو ما تفسره واشنطن بوجوب تنحي الأسد كون المعارضة لن تقبل أبداً ببقائه. وفي خطابٍ أمام المنتدى الدولي الاقتصادي في مدينة سان بطرسبرج الروسية؛ أعلن بوتين اتفاقه مع ما سمَّاها «مقترحات أمريكية» لضم شخصيات من المعارضة إلى حكومة دمشق الحالية، قائلاً إن حليفه الأسد وافق على الحاجة إلى عملية سياسية. وزاد بوتين «الاقتراح الأمريكي مقبول بكل تأكيد، يجب أن نبحث إمكانية إشراك ممثلين عن المعارضة في نظام الحكم الحالي». وحتى الآن؛ لم يتبلور حلٌ للخلاف القائم بين واشنطنوموسكو بشأن بقاء الأسد في السلطة أو رحيله. وعلى مدى 5 سنوات؛ تقول واشنطن إن الأسد فقد شرعيته للحكم نتيجة ما سببَّته قواته من معاناةٍ للمدنيين، في حين تشكك موسكو فيمن قد يخلفه وتجادل بأن الفوضى قد تكون أسوأ. وتأتي تصريحات بوتين بعد أيامٍ من حديث المبعوث الأممي الخاص بالأزمة، ستافان دي ميستورا، عن صعوبة استئناف محادثات السلام إلا بعد اتفاق المسؤولين من كل الأطراف على معاييرٍ للانتقال السياسي. وتنتهي مهلة أممية للتوصل إلى هذا الاتفاق في الأول من أغسطس المقبل. وحذر بوتين، في كلمته خلال المنتدى الاقتصادي، من «انهيار سوريا لا محالة إذا استمرت الأمور على ما هي عليه»، معتبراً أن «هذا سيكون السيناريو الأسوأ». ووفقاً لتقديره؛ فإن الأهم هو «استعادة الثقة في السلطات» و»ليس أن يبسط الأسد سيطرته على كل الأراضي كما تعهد». في سياقٍ متصل؛ كشفت وزارة الدفاع الروسية عن وفاة أحد جنودها بعد هجومٍ على قافلته في سوريا ليصبح عاشر جندي روسي يلقى حتفه هناك. ونسبت وسائل إعلام إلى الوزارة قولها إن ميخائيل شيروكوبوياس، الذي أُرسِلَ في إبريل إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية في محافظة اللاذقية، أصيب في محافظة حلب الشهر الماضي عندما تعرَّض رتلٌ من المركبات كان يرافقه لإطلاق النار. ونُقِلَ الجندي إلى مستشفى عسكري في موسكو للعلاج، لكنه توفي في ال 7 من الشهر الجاري. وبات العدد الإجمالي الرسمي لقتلى الجيش الروسي في سوريا 10 جنود. و9 من هؤلاء لاقوا حتفهم في قتال، بينما انتحر جندي في القاعدة الجوية في أكتوبر الماضي، حسبما أوردت الوزارة. وأفادت أنباءٌ بأن شيروكوبوياس مُنِحَ جائزةً بعد وفاته ودُفِنَ في إقليم أمور مسقط رأسه في أقصى شرقي بلاده. وفي منتصف مارس الماضي؛ أمر بوتين بسحب معظم القوات الروسية في سوريا. لكن موسكو تواصل دعم الأسد، ويقول بعض المحللين إنها شحذت إمكاناتها العسكرية لتقديم مساعدة أفضل لجيشه. وكان مسؤول أمريكي كبير، لم يتم الكشف عن هويته، اتهم موسكو بقصف مقاتلين سوريين معتدلين. وبرَّرت الرئاسة الروسية «الكرملين» موقفها بالحديث عن «صعوبة التفرقة على الأرض بين المعارضة المعتدلة ومسلحي جبهة النصرة» الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة. وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، للصحفيين أمس،»عملية قواتنا الجوية مستمرة» و»لا يخفى على أحد أن الاختلاط المستمر في مناطق ما تسمى بالمعارضة المعتدلة مع جبهة النصرة مشكلة خطيرة»، مضيفاً «يُعقِّد هذا العمل مكافحة الإرهاب». وعلى صعيد الإغاثة؛ أفاد المتحدث باسم المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية، ينس لايركه، بوصول قافلة مساعدات إلى منطقة الوعر المحاصَرة من قِبَل قوات الأسد في مدينة حمص. وتضم المساعدات أغذية وأدوية وإمدادات طوارئ أخرى لنحو 37 ألفاً و500 شخص. وأخبر المتحدثُ الصحفيين بقوله «قافلة الوعر اكتملت الليلة الماضية (الخميس) وعاد الفريق سالماً إلى قاعدته»، مبيِّناً «من المقرر إرسال قافلة ثانية لإمداد بقية من هم في الوعر، الذين يُقدَّر عددهم بنحو 75 ألف شخص، في الأيام القليلة المقبلة». وتحدث لايركه عن قافلة أخرى انطلقت متجهةً إلى عفرين (شمال حلب). لكنه أقرَّ بعدم انطلاق قافلة معونات مخصصة لضاحية كفر بطنا في دمشق «بسبب تعقيدات لوجيستية في اللحظات الأخيرة»، متطلعاً إلى تحركها في الأيام القليلة المقبلة. وبوصول مساعدات إلى الوعر؛ لم يتبقَّ في قائمة المناطق المحاصَرة التي لم تصلها مواد الإغاثية الأممية سوى عربين وزملكا الواقعتين في ضواحي دمشق النائية. وبدأ في مارس الماضي عقدُ اجتماعٍ أسبوعي لمجموعةٍ أمميةٍ للعمل الإنساني تُعنَى بإيصال قوافل إلى المناطق السورية الواقعة تحت حصار النظام أو مسلحي تنظيم «داعش» الإرهابي. وتطلَّع المستشار الأممي للشؤون الإنسانية، يان إيجلاند، إلى إرسال قوافل مساعدات إلى عربين وزملكا خلال أيام؛ على الرغم من اختلاف الأممالمتحدة وحكومة الأسد بشأن عدد قاطني المنطقتين. وشدد إيجلاند على رغبة وكالات الإغاثة في الوصول إلى المدنيين بصفة دائمة «وليس على النحو الذي يحدث حالياً، حيث تمنح الحكومة السورية القوافل الإذن بالدخول أو تمنعه أو تسمح بدخول جزئي أو مشروط لبعض القوافل». ولاحظ أن الحصار لم يُرفَع عن أي منطقة «على الرغم من التقدم الواضح في إيصال المساعدات هذا الشهر». وفي خطابٍ بعثه إلى الأمين العام للأمم المتحدة؛ حذَّر منسق الهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، من أن الوعر على شفا كارثة إنسانية. واتهم حجاب المنظمة الدولية بالاستسلام لسياسات الحصار والتجويع التي تتَّبِعُها دمشق. وتحدث عن تعرض سكان الوعر إلى ضغوطٍ هائلةٍ «بسبب الظروف الإنسانية المتردية والقصف والتجويع الذي فرضه نظام الأسد للموافقة على هدنة محلية». ونسب حجاب إلى المكتب الأممي في دمشق مساعدة النظام على فرض شروط هذه الهدنة. وكانت جماعة «من أجل سوريا» اتهمت الأسبوع الماضي الأممالمتحدة بالسماح للحكومة بالتحكم في كيفية توزيع المساعدات وهو ما يُمكِّنُها من استخدام التجويع كسلاح في الحرب. والهيئة العليا للمفاوضات تمثِّل المعارضة المعتدلة. ميدانياً؛ أبلغ المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 7 مدنيين أمس جرَّاء قصفٍ نفذه طيران النظام في مدينة حلب (شمال). وأكد المرصد، في بيانٍ له، تسبُّب هذ القصف في مقتل 3 رجال في حي الصاخور، ورجلين وامرأة في منطقة الكاستيلو التي شهِدت أيضاً قصفاً مدفعياً من جانب قوات الأسد، فيما قُتِلَ المدني السابع في حي السكري. ونقل المرصد عن مصادره أن مناطق في طريق الكاستيلو على أطراف المدينة تعرضت لقصف جوي مكثف. وشهِدَت مناطق في ريفي حلب الجنوبي والشمالي حملة قصفٍ مماثلة، وفقاً للبيان نفسه. وفي بيانٍ آخر؛ ذكر المرصد أن الطيران المروحي للنظام قصف مواقع في منطقة دوار الحلوانية في حي طريق الباب بمدينة حلب ومناطق أخرى في حي القاطرجي القريب، ما أسفر عن سقوط عددٍ من الجرحى بينهم أطفال واحتمال مقتل 3 أشخاص فضلاً عن دمار في الممتلكات. وفي الشمال أيضاً؛ ألقى الطيران المروحي للنظام مزيداً من البراميل المتفجرة على مناطق في بلدة التمانعة بريف إدلب الجنوبي، وسط أنباء أولية عن إصابات، بحسب المرصد. وأحصى المصدر نفسه إلقاء الطائرات الحربية 32 برميلاً متفجراً على مناطق في مدينة داريا الموالية للمعارضة في محافظة ريف دمشق، فيما لم تتوفر معلومات عن سقوط ضحايا.