إن هوية النص الأدبي تتحقق بفعل المعيش واليومي مع حتمية وجود الخيال كانتماء لتلك الهوية الأدبية، وبالتالي فإن البناء الفني للنص يتموسق حول فاعلية المفاهيم الحياتية المدرجة في واقع الحدث وتعددية الشخوص. فالتفاصيل اليومية الدقيقة تتشكل في بنية النص الأدبي، وبذلك تمنح هذه الكتابة خصوصية واقعية تسعى إلى نمذجة حالة الوعي لدى الإنسان البسيط، وتتدارك مزيج الثقافات التي قد تكون متناثرة في حياة كل الأفراد. فهي -أي الكتابة الأدبية- مرآة تعكس الواقع اليومي بنزعة فنية أدبية. ألاحظ ذلك في كثير من الكتابات السردية والنصوص المسرحية ولطالما أفرزت هذه الكتابات عن تسجيل للواقع بكل ممارساته وكل طقوسه إلا أن هذا لايكفي لخلق كتابة متكاملة.. ففضاءات النص تتطلب أخيلة ورموز وإيحاءات تعبر بشكل أو بآخر عن تصعيد النص إلى مكامن الجمال الفني والتجديدي. لا أبالغ إذا قلت إن التقاط تفاصيل الحياة اليومية يحتاج إلى كاتب يستطيع أن يتسلل إلى أماكن مخبوءة وغائبة عن أعين الكثيرين، وبذلك يحق له أن ينبش في كل حالات القلق التي تشذب الإنسان من إنسانيته، وإلى ذلك الإنسان المأزوم المتواطئ مع ظروف بيئته، ويستطيع أيضا أن يبني في ذاكرته موروثا حياتيا عن كثير من الصور المعاشة، وقد تصنف كتابات بعض الروائيين العرب نجيب محفوظ (نموذجا) على أنها مرآة حقيقية للحياة الاجتماعية والسياسية الواقعية في مصر، بل وفي الوطن العربي لأنها كتابات تنطلق من ذات الواقع ومن رحم الحدث الحياتي المعيش.