أحياناً يكون التفاؤل شبيهاً بالغباء، بحيث يصعب التفريق بينهما، كأنْ تتفاءل مثلاً بأن يتأهل منتخب بلادك لكأس العالم المقبلة وأن يلعب على نهائي البطولة بدلاً من إيطاليا وألمانيا وإسبانيا وإنجلترا والأرجنتين. هذا التفاؤل يعد حماقة لأنه ينسف قواعد تاريخية تعطي الأكثر بذلاً في ميادين العمل والتنافس والأكثر استعداداً في ميادين التسابق الأفضلية لملء مواقع القمة والتربع فيها. ما هو أسوأ من هذا النوع من التفاؤل أن يكون التفاؤل في مواضيع أكثر خطورة من شأن الرياضة وعلى أسس أقل صلابة من أسس الرياضة، فيكون التفاؤل شكلاً آخر من أشكال النفاق أو ضرباً آخر من ضروب الغباء، فالأدوات التي لا تمنحك الفرصة في المنافسة على مستوى الكرة والرياضة عموماً لا يمكن أن تعطيك نتائج أفضل في مواضيع أكثر حساسية واستراتيجية وهي ذات الأدوات بذات الأيدي وذات المنهج. الأمر الذي يدعو لفضيلة التفاؤل حتى لو كان أحياناً ضرباً من الجنون هو أن المراحل الصعبة لا يمكن اجتيازها إلا بالأمل وبالأمل وحده يبقى الإنسان ومع الأمل يزدهر التفاؤل، لكن الأمل بحاجة للعمل لكيلا يصبح الأمل معطلاً والتفاؤل خادعاً. من ضروب التفاؤل الحسن المطلوبة إعادة تمهيد الطريق لكل سالكيه والسماح لكل من يريد البناء بالمشاركة ولو بعمل يسير حتى ينشغل الجميع بفعل البناء، لا أن يبني عشرة ومثلهم ينشغل بهدم الأساسات فيما يقف البقية متفرجين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. سيتحول البيت الكبير إلى ورشة بناء عملاقة يشارك فيها الجميع، وحين يصبح للناس مشروعها الذي يرفع مستوى شعورها بالإنجاز لن يكون بمقدور أحد إلا التفاؤل لأن التفاؤل وحده حينها هو السبيل للنجاح. «تفاءلوا بالخير تجدوه»، حديث أو معنى يُروى عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام الذي يروي عن ربه قوله عز وجل في حديث قدسي: «أنا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي ما يشاء».