في بحث لغوي منشور للدكتور محمد بن سعيد بن إبراهيم الثبيتي، الأستاذ المساعد في معهد اللغة العربية بجامعة أم القرى، بعنوان: «دراسة دلالة لتقبل الألفاظ لدى الجماعة اللغوية»، أدرج في مقدمة البحث تلخيصاً قال فيه: «هذا البحث محاولة لإبراز أهمية الجانب الاجتماعي في دراسة اللغة والكشف عن أسرارها ذات الصلة بحياة المجتمع خاصة ما تكون عليه الجماعة اللغوية من حشمة وأدب ونحوهما فتلجأ تجاه هذا النمط الاجتماعي من حياتها إلى ظاهرة التلطف في اللغة، فتبلغ بذلك غرضها بأسلوب راقٍ مراعية بذلك الآثار النفسية والقيم الاجتماعية في حياة الفرد والمجتمع، وعلى ضوء ذلك تناولت الدراسة هذه الظاهرة من عدة جوانب». عرَّفَ في بحثه معنى كلمة التلطف في اللغة، وبيَّن معناها الاصطلاحي لدى القدماء والمحدثين، وأشار إلى موقفين يعمد فيهما المتكلم إلى التلطف، أحدهما يعتمد على سرعة البديهة والفطنة والذكاء، وصنَّفه بالفردي، بينما صنَّف الآخر بالجماعي، إذ يقول عنه: «يحاكي فيه الفرد مجتمعه، فيخضع إلى ما يقرره المجتمع في خطابه محاكياً له في جلِّ الدوافع التي تعود إلى الحياة الاجتماعية كالكياسة والتأدب، والتطير والتفاؤل، والخوف والفزع ونحو ذلك». وأورد أدلة منها: – يكنى عن الأعمى بالمحجوبِ، وعن الأعورِ بالممتعِ، وعن البخيلِ بالمقتصد، مستدلاً بقول الثعالبي في الكنايةِ عن بعض الصفاتِ الخَلْقِيةِ والخُلُقيَّة. – قولُهم لحق فلان باللطيف الخبير، ولعق فلانٌ إصبعه، واستوفى أكله، واصفرت أناملهُ، ومضى لسبيله وَدُعِيَ فأجاب، وَقَضَى نحبه، ومما يُتَفَاءَل بذكره قولُهُمْ للفلاةِ مفازةٌ؛ لأن القفارَ في ركوبها الهلاكُ، فكان حقها أن تسمَّى مَهْلَكَةً، ولكنهم أحسنوا لفظها تطيراً بها، وعكسوه تفاؤلاً، ومن ذلك تسمية اللديغ سليماً، والأعور ممتعاً تطيراً من ذكر العور، مستدلاً بقول الجرجاني. – يكنى عن اللديغ بالسليم، وعن الأعمى بالبصير، وعن المهلكةِ بالمفازة، مستدلاً بقول الثعالبي في الكناية عمَّا يُتطيرُ من لفظه. يقول الباحث عن التفاؤل والتشاؤم: «يُعَدُّ من أبرزِ دوافعِ التَّلَطف في اللغاتِ، ويشملُ كل الكناياتِ الخاصةِ بالمجالاتِ التي نستبينُ منها الضعف الإنسانيَّ كالموتِ والمرضِ وأسماءِ بعضِ الحيواناتِ، والجن، والسوام، ونحوِها مما يلعب التفاؤلُ والتشاؤمُ فيها دوراً كبيراً، فهي مجالاتٌ تثير ألفاظُها الخوفَ والهلعَ في نفوسِ البشر وينفرون من سماعها، ويتفادون ذِكْرَها، فِراراً مما تبعثه في الأذهانِ من آلام». ويضيف: «سرُّ التَّلَطف في هذا المجالِ، هو ما استقر في أذهانِ الناسِ منذ القدمِ من الربط بين اللفظِ ومدلولهِ ربطاً وثيقاً حتى إنَّه يُعتقدُ أن مجردَ ذكرِ الموتِ يستحضرُ الموت، وأنَّ النطق بلفظ الحيةِ يدعوها من جحرها فتنهشُ مَن ناداها أو ذكرَ اسمَهَا". بات السفر البريُّ مقلقاً لدرجة عالية، ولأسباب عديدة منها ما هو متعلق بسوء الطرق، وعيوبها، وكثرة التحويلات التي لا يراعى فيها أبسط شروط السلامة العالمية، وغياب العلامات التحذيرية والإرشادية، ومنها ما هو متعلق بغياب المرور في بعضها، ومنها ما هو متعلق بتجاوزات السائقين، عمداً أو جهلاً، وهو الأخطر، فكما أن بلادنا أصبحت أكبر مركز للتدريب على المهن والحرف في العالم، فقد أصبحت كذلك أكبر مدرسة لتعليم قيادة السيارات بأنواعها، الخاصة والنقل بأحجامها المختلفة لملايين البشر من عشرات الجنسيات، عدا ما يمر بها من مسافري دول الجوار. ونظمت وزارة النقل في مدينة الرياض ورشة السلامة على الطرق على مدى ثلاثة أيام، بالتعاون مع الاتحاد الدولي للطرق «IRF»، وافتتحها المهندس هذلول بن حسين الهذلول، وكيل وزارة النقل للطرق، يوم الإثنين الماضي، بحضور سفير مملكة السويد داغ يولين دنفليت، ويقدم من خلالها خبراء في الاتحاد الدولي للطرق، ومؤسسات عالمية متخصصة في مجال السلامة على الطرق محاضرات، وأوراق عمل متخصصة، تهدف، بحسب ما نُشر في الصحافة المحلية، إلى: «تنمية قدرات ومعارف المتخصصين والمسؤولين في القطاعات الحكومية والخاصة العاملة في هذا المجال حول الطرق وتجهيزاتها مثل مدلولات إشارات وعلامات الطرق، ومصطلحات النقل، والتصميم الهندسي للطرق والتقاطعات وجوانب الطرق، وإجراءات الأمن والسلامة عند نقاط التفتيش، والتحكم المروري والسلامة المرورية في مناطق العمل، والتحويلات المرورية على الطرق، والتدقيق على سلامة وفاعلية عوامل السلامة على الطرق مثل: الحواجز الواقية، والسياجات، والعلامات الأرضية «الدهانات، وعيون القطط»، واللوحات المرورية «الإرشادية والتحذيرية والتنظيمية»، وجميع ما يتعلق بإرشادات سلامة القيادة على الطرق. وقفة: من باب التفاؤل أقترح أن نُسمِّي المسافر عائداً؛ لأن كلمة السفر مقلقة لأهله، مع مرافقة الجوال، وباتت مقترنة «اقتراناً سيامياً» بالحوادث!