عني اللغويون والنحويون منذ القرن الأول الهجري بالاهتمام باللغة العربية وتعزيز دورها والكشف عن أسرارها وخصائصها لما للغة العربية من مكانة وجليل شأن، فلغتنا العربية مصدر فخرنا وموضع اعتزازنا، فهي لغة القرآن الكريم والسنة المطهرة وتراثنا الثقافي الجليل، ومن هذا المنطلق يأتي الاهتمام إلى ضرورة العناية بفقه اللغة العربية والحرص على الدراسات اللغوية وأثر الاشتقاق والنحت والتعريف والترادف والتضاد في دلالة الألفاظ وثراء اللغة العربية وخصائصها الصوتية مع الاهتمام بالمهارات اللغوية التي يحتاجها المتعلم. لقد عرفت اللغة العربية ألواناً مختلفة من التأليف والمصنفات اللغوية عبر تاريخها الطويل، ولقد اندفع الكثيرون من علماء اللغة في تدوين تراث اللغة العربية لحفظها وتباروا في فنون التأليف بجهود علمية كبيرة، فمن يطالع معاجم اللغة وحرصها على ترتيب الألفاظ، ومن يطالع كتاب العين للخيل بن أحمد الفراهيدي يجد القدرة اللغوية، وكذا (لسان العرب) لابن منظور (والقاموس المحيط) للفيروز آبادي و(الصحاح) للجوهري و(تاج العروس) للزبيدي يدرك الجهود العظيمة لأنواع التصنيف اللغوي ولم يتوقف أسلافنا على ذلك بل بحثوا وطرقوا ميادين فلسفة اللغة وفقهها وأسرارها كما عمل أبو منصور الثعالبي في كتابه فقه اللغة وسر العربية، وانبرى الكثيرون من علماء اللغة يجمعون غرائب اللغة ونوادرها وشواهدها من أمثال أبي زيد الأنصاري في نوادره والأصمعي وقطرب وأضرابهم. لقد خاض القدامى ميادين اللغة وصنفوا التآليف الضخمة واشتغلوا بعلومها وآدابها وفقهها وأسرارها، تجلى ذلك في كتبهم عن أصول اللغة ككتب الثعالبي وابن جني وابن فارس وابن منظور والسيوطي، والإشموني والصبان والخضيري وابن هشام والأزهري وابن دريد وغيرهم. كما حذا حذوهم بعض المستشرقين الذين حرصوا على دراسة علوم اللغة والدراسات اللغوية وإشادتهم بالتنظيم المنطقي في بناء اللغة، والفضل ما شهدت به الأعداء، إن الاهتمام بالدراسات اللغوية واجب أبناء اللغة وعلمائها للنهوض بها والاهتمام بما ستحقق من خدمة وعمل في مجالاتها الواسعة والبحث المتواصل لبلوغ العربية مكانتها العالمية السامية والكشف عن أساليب العربية وطرائفها في وحدة التعبير وتأدية المعاني والعناية بلغة الضاد وبتراث العربية الخالد. إن علينا أن ندرك كل ما يتعلق بعلم اللغة ودلالاتها اللغوية وقواعدها ومدى سعتها اشتقاقاً ومجازاً وتنوعاً.