بدأت الولاياتالمتحدة أمس تشغيل درعٍ صاروخيةٍ بتكلفة 800 مليون دولار في رومانيا. وفيما رأت موسكو هذه الخطوة محاولةً لتحييد ترسانتها النووية؛ اعتبرتها واشنطن ضرورية لحمايتها وحماية أوروبا من دول تصفها بالمارقة. وعلى أصداء الموسيقى العسكرية في قاعدة ديفيسيلو الجوية النائية؛ أعلن مسؤولون بارزون من الولاياتالمتحدة وحلف شمال الأطلسي بدء تشغيل موقع الصواريخ الباليستية الدفاعية القادرة على اعتراض صواريخ من دول مثل إيران. وتحذِّر واشنطن من وصول الصواريخ الإيرانية ذات يومٍ إلى مدن أوروبية كبرى. وقال مساعد وزير الدفاع الأمريكي، روبرت وورك، وهو يقف أمام البناء الخرساني الرمادي الضخم الذي يضم الدرع ويرفع علم بلاده «ما دامت إيران مستمرة في تطوير ونشر الصواريخ الباليستية؛ ستظل الولاياتالمتحدة تعمل مع حلفائها للدفاع عن حلف شمال الأطلسي». وقبل بدء المراسم؛ حذر مساعد نائب وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الحد من التسلح، فرانك روز، من احتمالية إصابة أجزاءٍ في أوروبا منها رومانيا بصواريخ إيران الباليستية. وستمتد الدرع الدفاعية لدى استكمالها من جرينلاند إلى الآزور. وستبدأ الولاياتالمتحدة اليوم العمل في موقعٍ أخير في بولندا من المقرر أن يكون جاهزاً بنهاية عام 2018، ليكتمل بذلك الخط الدفاعي الذي اقتُرِحَ لأول مرة قبل نحو 10 أعوام. وتشمل الدرع الكاملة كذلك سفناً وأجهزة رادار في مختلف أرجاء أوروبا، وستُسلَّم إلى حلف شمال الأطلسي في يوليو، فيما سيقع مركز القيادة والتحكم في قاعدة جوية أمريكية في ألمانيا. وتشعر روسيا بالغضب من استعراض القوة الذي يقوم به خصم الحرب الباردة في شرق أوروبا. وتقول موسكو إن هذا التحالف الذي تقوده واشنطن يحاول تطويقها بالقرب من البحر الأسود ذي الأهمية الاستراتيجية. ويوجد أسطول بحري روسي في البحر الأسود، بينما يدرس «شمال الأطلسي» زيادة الدوريات هناك. ويأتي تجهيز الدرع بينما يُعِدُّ الحلف رادعاً جديداً في بولندا ومنطقة البلطيق بعدما ضمَّت موسكو منطقة القرم عام 2014. وفي مواجهة ذلك؛ تعزِّز روسيا جانبيها الغربي والجنوبي ب 3 فرق جديدة. وعلى الرغم من التطمينات الأمريكية؛ يعتقد الكرملين أن الهدف الحقيقي للدرع الصاروخية هو تحييد الترسانة النووية لموسكو. ويرفض المسؤولون في واشنطن وجهة النظر الروسية، وينحون باللائمة على موسكو في توقف محادثاتٍ مع الحلف عام 2013 كانت تهدف إلى شرح كيفية عمل الدرع. ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن أندريه كيلين، وهو مسؤول بارز في وزارة الخارجية في موسكو، قوله «إنه جزء من الاحتواء العسكري والسياسي لبلادنا، هذه القرارات التي يتخذها حلف شمال الأطلسي من شأنها أن تفاقم وضعاً صعباً بالفعل». في السياق نفسه؛ قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن «نشرالدرع الصاروخية بلا شك يشكل تهديداً لأمن روسيا الاتحادية». وأوضح «يجري اتخاذ إجراءات لضمان المستوى المطلوب لأمن روسيا، الرئيس فلاديمير بوتين بنفسه – ودعوني أذكركم- قد سأل مراراً عمن سيعمل ضده هذا النظام». وفي حين يؤكد مسؤولون من الولاياتالمتحدة وحلف الأطلسي تصميم الدرع لمواجهة تهديدات من الشرق الأوسط وليس من الروس؛ ظل موقفهم حتى أمس غير واضح بشأن ما إذا كان ممكناً ضبط أجهزة الرادار وصواريخ الاعتراض للتصدي لروسيا في حالة نشوب صراع. لكن روبرت وورك صرَّح خلال الاحتفال بأن الدرع لن تُستخدَم كدفاع مستقبلي ضد صواريخ روسية. وردّاً على سؤال عما إذا كان يمكن تحديث الموقع في رومانيا والموقع الآخر الذي يجري بناؤه في بولندا بتكنولوجيا تُمكِّن من مواجهة الصواريخ الروسية؛ أجاب «لا، لا توجد خطط على الإطلاق للقيام بذلك».