قلت قديماً: كلما زاد الدخل؛ زادت نسبة الفساد؛ فيضيع المال دون بشائرَ مُستقبلٍ على النحو الذي عليه أمم أخرى، واليوم أقول: وبعد أن قلّ الدخل هل سيقل الفساد؟ قالت «نزاهة»: «تكاليف مشاريعنا الحكومية مبالغٌ فيها، لكن لا أدلة على ذلك». قال مواطن: إنشاء استاد رياضي، أو أي مشروع حكومي، أو حتى استئجار مدرسة، يكلف الدولة مَبلغاً مُبالغاً فيه، هذا ما اعتدنا عليه، لكن أن يطال الفساد بناء مسجد؛ فذاك أمر يحتاج إلى فك شِفرة، أو شَفرة حلاقة، لكنه أكثر قبولاً من أن تدفع الدولة مبلغاً لبناء مسجد، فيتم إنفاق المبلغ؛ ولا نجد مسجداً على الأرض! آمل أن تستأنس نزاهة بمثل هذا الدليل ولو على الأقل في ظروفنا الحالية الصعبة. قالت هيئة الرقابة والتحقيق: «إنها تقوم بتنفيذ عقوبات تبدأ بالإنذار وتنتهي بالفصل لأي موظف يجمع بين بدل النقل واستخدام السيارات الحكومية». قال الضمير: لو كان هذا صحيحاً؛ لكان مبعث فخر بسقوط أصغر حلقة في منظومة الفساد، ولكن لا أدري أتحذيرٌ هو أم تخدير؟ فعلينا أن نسأل الهيئة عينها: هل يستخدم أحدُ موظفيها سيارات الدولة لنقله من البيت إلى العمل مروراً بالسوق، مع بدل النقل كاملاً غير منقوص؟ ثم لتخبرنا: كم موظفاً فصلت، أو على الأقل أنذرت؟ قالت كاميرا الجوال: رصدتُ سياراتٍ بشعاراتها الرسمية، إحداها محملة بمواد سباكة وكهرباء خاصة بالموظف، وأخرى محملة بقدور المندي تكريماً لضيوف الموظف، وأخرى مثقلة بالبنين مع مُربياتهم للنزهة لا للنزاهة. قالت مجلة «هي»: إنّ مصممةَ أزياءٍ سعودية، قامت بصنع فستان من النقود احتاج لنحو مليون ريال من فئة الخمسمائة، احتفالاً باليوم الوطني. آمل ألا يكون مليونها هذا، آتياً من ريع فسادٍ «وطني». من أجل ذلك، قلت: مقالي بريء حتى تثبت إدانته.