مع ازدياد عدد القراء والكتاب كذلك كان لا بد من زيادة المعرفة بخصوص الكتابة والكتب، أمور خفت على القارئ وأشياء يظن أنها من المسلّمات لكنها ليست كذلك. سأكتب اليوم عن موضوع الطبعة الثامنة! في أحد المعارض الدولية للكتاب من هذا العام، زرت أكثر من دار نشر، وقع اختياري على كتاب لكاتب جديد، الغريب في الأمر أني قرأت «الطبعة الثانية» على الكتاب، الكتاب لم يتجاوز اليومين على طباعته! هل من المنطقي أن الكتاب تم منه بيع ألف نسخة خلال يومين، في دولة خليجية لا يتجاوز عددها المليونين، ولا يتجاوز عدد قرائها الألف! إن ما يحدث هو كالتالي: أطبع 50 نسخة أو 100 نسخة ثم أطبع 50 نسخة أخرى وأكتب عليها طبعة ثانية. هل المطبعة في الدول العربية تركز على ذلك؟ لا، فالمطابع أصبحت تجارية على الأغلب وتهمها المادة أكثر من أي شيء آخر، كذلك ليس هناك قانون واع وجزائي لمثل هذه الأمور، فالموضوع يعود إلى الكاتب وضميره وحرصه على حفظ حقوق القارئ وإدراكه. في الواقع لا أعلم ما شعور الكاتبة (ج. ك. رولي) مؤلفة سلسلة (هاري پوتر) الشهيرة حينما تعلم أن بعض إصدارات سلسلتها قد قفز إلى الطبعة السادسة والسابعة في اللغة العربية، في حين أنه لا يزال في طبعته الأولى باللغة الإنجليزية! مفهوم – الطبعة – في كل العالم يدل على تغيير في محتويات الكتاب، أي أن القارئ الذي اقتنى الطبعة الأولى من الكتاب سيفكر في اقتناء الطبعة الثانية بعد التغيير وهكذا، أما – إعادة الطبعة – فهذا يعني أن كمية النسخ من الطبعة الأولى نفدت وتمت طباعتها مرة أخرى، وكما سبق أن ذكرت ليس من الجيد أن أطبع كمية قليلة من النسخ لأوهم القارئ بأن الكتاب يحتل مبيعات عالية وبالتالي يعتقد أن الكتاب ممتع ويستحق القراءة. أتمنى من كل قارئ أن ينتبه إلى هذه الحيل وإلى هذه المصطلحات غير السليمة، وألا يتخذ قرار اقتناء أي كتاب بناء على رقم الطبعة، لأنها شيء غير قابل للقياس في ظل جهل أو قصد الناشرين في عدد كل كمية يطبعونها، ولا تنظروا إلى الطبعة لأنها في عالمنا العربي لا تعني شيئاً سوى الجهل والتفاوض على القوانين كأي قوانين أخرى.