من منطلق الحفاظ على الموروثات الاجتماعية من الاندثار مع ابتعاد الأجيال عن التراث والعادات العربية الأصيلة خلّدت السعودية هدى حمدان الشريف بعض العادات والتقاليد السعودية في كتابين يحملان اسمي «القهوة العربية» و«كتاب الشاي» للحفاظ على التراث من الضياع والنسيان، واختارت الكاتبة هدى الشريف القهوة والشاي لتنقل للأجيال اللاحقة والعالم الخارجي كل المعلومات التراثية والقيّمة عن القهوة والشاي في السعودية. ولم تعتمد هدى الشريف في جمع معلومات الكتابين على التقنية بل لجأت في مصادرها للأمهات والجدات، مشيرة إلى أن: «أهم مصادرها والدتها التي استقت منها جل المعلومات والتي علمتها كل التقاليد السعودية لصنع وشرب القهوة والشاي»، وتبرر الشريف عزوفها عن التقنية بقولها: «غالباً المعلومات التي تختص بالتراث لا توجد بوفرة في الإنترنت، فيما وجدتها عند أمهاتنا اللائي يمثلن الماضي العريق وما زلن يتمسكن بالعادات والتقاليد التي تسير في طريقها للاندثار يوماً تلو يوم»، مشيرة إلى أن بنات وشباب الجيل الحالي لا يعرفون كثيراً عن عادات صب وشرب القهوة العربية وقد اعتادوا على شرب القهوة السريعة بأنواعها في الكافي هات. ولم يأت تأليفها لسلسلة الكتب التراثية من فراغ فالكاتبة هدى الشريف تخرجت في جامعة الملك عبدالعزيز تخصص مكتبات وعملت في مكتبة بإحدى مدارس جدة وتعتبر الكتب أصدقاءها المقربين الذين تقضي نهارها معهم حيث تقرأ بنهم ومن دون روية، أما عن السبب الذي دفعها لفكرة إطلاق الكتابين فتقول: «كنت في مناسبة عامة ورأيت فتاة سعودية تقدم لامرأة أوروبية القهوة العربية فأبدت المرأة إعجابها وأخذت تتساءل بشغف عن القهوة، والفتاة كانت تجيب عن أسئلتها وتخبرها بطريقة صب القهوة وطقوسها، ومنها خطرت في بالي فكرة تأليف كتاب يتحدث عن القهوة من جميع الجوانب، وكتاب آخر عن الشاي». وتتحدث الشريف ل «الحياة» عن معاناتها خلال إصدار سلسلة الكتب حتى صدرت أخيراً ووصلت للقراء، وتقول: «كانت العقبة الأولى في الدعم المادي لطباعة كتابي الأول القهوة العربية»، فاتجهت لشركات البن لتمويل الكتاب حتى وجدت الشركة التي وافقت على تمويلها أخيراً، ولكن بعد أن وقعت العقد مع الشركة اختفى الموظف الذي وقع معها العقد ومعه النسخ من الكتاب، وبعد أن هددت الشركة بمقاضاتهم سمحوا لها بالبحث عن مطبعة لطباعة الكتاب، وهكذا بدأت مرحلة جديدة وهي البحث عن مطبعة وحينما وجدتها ودفعت لهم مبلغ 11ألف ريال دفعة أولى أغلقت المطبعة ولم تجد لها أثراً ولا لموظفيها وقدمت شكوى في وزارة الإعلام لكنها لم تعد بفائدة، وتقول هدى: «وفجأة بعد ستة أشهر كدت أفقد فيها الأمل اتصل بي موظف المطبعة وأخبرني أنه يود إعادة النقود، فحمدت الله واستعدتها منه وبدأت العودة لمشروعي من جديد بعد أن تعطل أشهراً عدة». وتتابع هدى الشريف بأن الطبعة الأولى من كتاب القهوة كان ألف نسخة لترى صداه على القراء فنفدت الألف نسخة كلها من المكتبات فطبعت بعد ذلك أربعة آلاف نسخة في طبعته الثانية، وترجمته للغة الإنكليزية ليصل لأكبر عدد من القراء، وما زالت تطمح لطباعته بلغات عدة منها الفرنسية والصينية، وما زالت تحمل أفكاراً عدة للتقاليد الاجتماعية السعودية لتنقلها في كتب حتى تحافظ عليها من الاندثار وحتى تجد الأجيال اللاحقة المعلومة الصحيحة ومن مصادرها الموثوقة، مضيفة أنها بصدد إطلاق موقع إلكتروني لسلسلة الكتب الخاصة بها.