أُحِبُّ عمال النظافة، هكذا فقط.. دون شروط! أشعر في داخلي أن هناك حباً لعامل النظافة، ينبع من أعماقي، ولا أعلم هل لذلك علاقة ب «النظافة من الإيمان»؟ نعم هو «الإيمان»، عندما تؤمن بصدق، تعشق كل ما يرتبط بذلك الإيمان، ويجعلك تشعر بأنك أطهر «مما يكون»، وأنقى من الجميع. تجد في داخلك طهراً، يلامس كل ما له علاقة بك، هكذا يكون الإيمان، ومن هنا جاءت الحكاية، حيث كنت في طريق عودتي إلى المنزل عبر إحدى الطرقات السريعة، فاعترضت طريقنا حافلة مملوءة بعدد من عمال النظافة، كانت تلك الحافلة تقف أمامنا مباشرة، وفي داخلها عدد يزيد عن حمولتها من عمال النظافة، نظرت إليهم بشكل سريع، وربما في عدد بسيط من الثواني، حيث كانت الإشارة «حمراء»، استوقفتنا، لتجمعني بتلك الحافلة في لحظة عابرة. ذهبت بخيالي في التفكير بطبيعة عملهم، فاستنتجت أنه عمل «شاق جداً»، فمنهم مَنْ يقف ساعات طويلة تحت أشعة الشمس ليجمع مخلَّفات، أسقطها بعض الناس عمداً في الشوارع العامة، ومنهم مَنْ يمر عليك، وأنت تأكل الطعام، ليبدأ حينما تنتهي منه في تنظيف ما تركته من بقايا طعام، يقف هذا العامل في أقصى المكان، ينظر إلى الطعام الزائد عن الحاجة مبعثراً على الطاولة، شبع منه المتحلِّقون حول الطاولة، فتركوه ليُرمى في سلة القمامة، وكل ما يجب على ذلك العامل البسيط عمله، هو تلميع طاولة الطعام، لتأتي وجبة أخرى، وتأخذ نصيبها من سلة القمامة أمام عين ذلك العامل، الذي تكمن مهمته في تلميع الطاولات، وربما كان يتضور جوعاً أثناء تلميع الطاولة، ومنهم مَنْ يمسح الأرض، ويحمل النفايات، و«يكنس الشوارع» تحت أي ظرف أو طقس من فصول السنة، ولا ننسى مواسم الغبار. رغم تلك الأعمال الشاقة جداً، لم أرَ أحداً من هؤلاء العمال بائساً، ينظر إلى العالم ب «حالة يائسة، أو غاضبة، أو بائسة»، بل نرى النقيض تماماً على وجوههم التي تعلوها ابتسامة، وضحكة عابرة، وكذلك نراهم «يمزحون» مع بعضهم بصدق دون أن يشعروا بحالة من الكبت والحرمان. إنهم يعملون من أجل بيئة خضراء ونظيفة من كل الملوثات. انتهت ثواني الإشارة الضوئية، وذهبت الحافلة في طريقها لتوزيع عمال النظافة، وذهبنا نحن في طريقنا إلى المنزل دون «ملوثات» تُلقى على قارعة الطريق، لذا كتبت في مسودتي أنني «أحببتهم جداً». لطفاً تذكَّر أن عامل النظافة هو إنسان فقط.