قالت «أم عوض الجوجو» التي فقدت اثنين من أبنائها خلال أحداث الانقسام عام 2007 ل «الشرق» «لن أقبل بأي مصالحة على حساب دماء أبنائي الذين قتلوا على أيدي أجهزة الأمن السابقة» كلمات قليلة تكشف عمق مأزق المصالحة المجتمعية الذي مازال يغلي دون أن توقفه اللقاءات الماراثونية بين فرقاء الساحة الفلسطينية. فخلال المواجهات بين حركتي فتح وحماس في قطاع غزة قتل 311 فلسطينياً، وأصيب المئات بجروح بالغة تركت أثرا دائما على أجسادهم حسب إحصائيات مراكز حقوق الإنسان الفلسطينية، وتبحث لجنة المصالحة المجتمعية التي شكلت عقب اجتماعات القاهرة نهاية العام الماضي عن حل يمكنها إرضاء عائلات الضحايا التي مازال الكثير منها يطالب بالقصاص من القتلة، وعدم منحهم العفو كما هو الحال مع أم عوض . وتتساءل أم عوض قائلة :»كيف أسامح بعودة من قتل أبنائي.. وأراه أمامي دون أن يقتص منه، وكأن شيئاً لم يكن»، وتتابع :» يجب أن آخذ بحق عوض وعصام، وأن تجري محاكمة كل من كان سبباً في مقتلهم هم وغيرهم وفق القانون والشريعة الإسلامية التي تنص على القصاص من القاتل». وأمام هذه المعضلة المجتمعية يرى عضو لجنة المصالحة المجتمعية والقيادي بالجبهة الشعبية رباح مهنا أن لجنة المصالحة تحتاج إلى عامين على الأقل لمحاولة إنجاز الملف « الملغوم» جراء ما نتج عن الانقسام. وكشف مهنا ل»الشرق» أن العدالة ستلعب دوراً بارزاً في عمل لجنة المصالحة المجتمعية، منوهاً أنه لا بد من توحيد المؤسسة الأمنية ليتسنى حل القضايا أمام المحاكم والمؤسسات الأمنية في قطاع غزة والضفة الغربية. واستدرك بالقول:» اللجنة في الضفة الغربية وقطاع غزة تواجه عقبتين مركزيتين هما قلة الإمكانات اللازمة لعملها على الرغم من خطورة المهمة المنوطة بها، فمطلوب منها تعويض المتضررين مادياً ومعنوياً، وإشاعة أجواء المصالحة والعفو بين كافة سكان الأراضي الفلسطينية، وجميعها أمور تحتاج لمبالغ وإمكانيات كبيرة جدا لم تتوفر حتى الآن، بالإضافة لحالة الركود في باقي الملفات في المصالحة التي تلقي بظلال من الشك على إمكانية تحقيقها.وأمام هذا الجمود في عمل لجنة المصالحة المجتمعية تستمر حركتي فتح وحماس في اتخاذ إجراءات فردية تزيد من تعقيد الملف، ففي قطاع غزة أصدرت محكمة حكما بالإعدام على أحد نشطاء حركة فتح بتهمة قتل قيادي محلي في حركة حماس خلال إحداث الانقسام، وهو ما اعتبرته حركة فتح تدميرا لأجواء المصالحة محذرة من أن تطبيق الحكم سيعني من جهتها وقف أي تعاون بشأن المصالحة المجتمعية. وتتعقد الأمور أكثر عندما يفتح الحديث عن عودة المئات من أبناء «فتح» الذين خرجوا من قطاع غزة بعد الأحداث إلى مصر، ففي الوقت الذي سمحت فيه «حماس» أخيرا بعودة ثمانين عنصرا منهم، فإن أكثر من 350 آخرين مازالت عودتهم مرهونة بتطور ملف المصالحة المجتمعية لأنهم متورطين حسب «حماس» في حوادث قتل. وبهذا الخصوص أكد عضو المكتب السياسي للحركة خليل الحية ل«الشرق» :» أنه من غير المقبول أن يرى أهالي القتلى من قتل أبناءهم وهم يعودون دون أن يصفى هذا الأمر بشكل قاطع» ، مشيرا إلى أن من ضمن من ترفض حماس عودتهم في هذه المرحلة كافة القيادات الأمنية الفتحاوية التي تورطت في أحداث الانقسام وفي مقدمتهم محمد دحلان.