غزة - أ ف ب - يؤكد أهالي ضحايا سقطوا في اطار النزاع بين «فتح» و «حماس انهم يريدون «الاقتصاص» من قتلة ابنائهم في موقف قد يشكل عقبة اخرى تهدد المصالحة التي لم تنجز بعد بين الحركتين. ويقول الحاج موسى (70 سنة) والد بهاء ابو جراد الذي كان امين سر حركة «فتح في محافطة شمال القطاع وقتل قبيل سيطرة «حماس» على غزة ان هذه المصالحة «لن تدوم اذا لم نأخذ حق ابنائنا، وستكون ملطخة بالدماء». ويضيف الرجل المسن ان «حماس نصبت مكمناً وقتلت ابني بدم بارد. والآن يريدون ان يصالحوني مع من قتل ابني. كيف يعقل ذلك؟ (الملاك) جبريل لن يصالحني مع من قتل ابني». ويتابع بتصميم «لن يضحكوا علينا (...) لن اقبل دية ولا تعويضاً (مالياً) وكل ما اريده من الحكومة القادمة القصاص من قتلة ابني». وتوافقه ارملة ابنه التي تعيل اربعة ابناء، الرأي قائلة «لا نريد سوى القصاص. اذا لم تكفل المصالحة القصاص فلا نريدها». وتصر منى أرملة الشيخ محمد الرفاتي الذي كان ينتمي ل «حماس» وقتل ايضاً اثناء نزاع الحركتين، على تحقيق القصاص من قتلة زوجها. وتقول: «اهم شيء هو القصاص لأن من قتل زوجي لا يحق له ان يعيش حياة طبيعية بعد اليوم ويجب ان يدفع ثمن ما فعله». ويقاطعها ابنها الاكبر حمزة (19 سنة) بحزم «لن اتنازل من اجل المصالحة. كنا ضحية في النزاع بين حماس وفتح، ولن نسمح ان نكون ضحية حين يفترقون وضحية حين يتصالحون ايضاً». وأصدرت حكومة «حماس» حكماً بالاعدام على ثلاثة اشخاص دانتهم بقتل الشيخ الرفاتي نهاية العام الماضي. الا ان العائلة تخشى عدم تنفيذ احكام الاعدام بعد المصالحة. ولا يستبعد طاهر النونو المتحدث باسم حكومة «حماس» ذلك. ويقول ان «ملف المصالحة والقتل والدماء كله خاضع للجنة المصالحة الاجتماعية التي تم الاتفاق عليها. اذا اقرت اللجنة تطبيق الحكم (الاعدام) فسيطبق لكن اذا لم يقر فلن يطبق». ورداً على سؤال عما ان كان سينتقم لوالده اذا لم يتم تنفيذ الحكم، يقول حمزة الرفاتي «بالتأكيد سأفعل». ويضيف: «اذا رأيت الشخص الذي ارتكب الجريمة في الشارع فلن اتمالك نفسي وأنا اراه يتنفس. سآخذ حقي منه. فلا احد يستطيع ان يرى قاتل والده حياً يرزق». ويوضح حسن زيادة الاخصائي في مركز غزة للصحة النفسية ان الاقتتال الداخلي ادى الى «خلل في منظومة الدعم الاجتماعي». ويضيف ان «التفكير بهذه الطريقة من الغضب والحقد والرغبة بالانتقام رد فعل طبيعي لكثير من الناس». وتفيد احصاءات لمراكز حقوقية فلسطينية ان مئات الفلسطينين، غالبيتهم من حركة «فتح قتلوا في الاشتباكات الدامية بين عناصر فتح وحماس التي سيطرت على قطاع غزة منتصف العام 2007 بعد ان طردت قوات السلطة الفلسطينية الموالية للرئيس الفلسطيني محمود عباس. وبعد اربعة اعوام من القطيعة أعلنت حماس وفتح نهاية نيسان (ابريل الماضي التوصل الى اتفاق مصالحة خلال احتفال رسمي في القاهرة الا ان بنود الاتفاق لم تنفذ بعد. وتقول ام احمد، التي رفضت الكشف عن هويتها وفقدت زوجها وشقيقه اللذين كانا ينتميان الى فتح «نحن مجتمع قبلي القاتل فيه يقتل»، متسائلة «كيف سنرفع رأسنا بين الناس اذا لم ننتقم لأبنائنا وكرامتنا». وتضيف: «نعرف من قتل زوجي وشقيقه من افراد حماس بالاسماء وسيلقون المصير نفسه وسيذوقون عذابنا نفسه». وتساءلت هذه السيدة «كيف سأمنع ابني من أخذ حق والده وقد رآه يقتل امام عينيه ورأى حرمة منزلنا تنتهك من قبل ميليشيات حماس». ويكتفي احد ابنائها بالتعقيب وهو يعرض صورة والده التي يضعها خلفية لجواله «اضع صورته (ابيه) مقتولاً حتى لا انسى ما فعلته حماس به»، في اشارة لرغبته بالثأر. اما الضابط في السلطة الوطنية علي هديبي خضر، الذي قتل شقيقاه هديبي وابراهيم في النزاع، فيقول ان «حماس اعدمت اخواي من دون اي ذنب وبدم بارد». ويضيف ان «الجاني يجب ان يحاسب واذا لم يحدث ذلك فنحن في قطاع غزة لا نرى مصالحة». وتقول والدته التي فقدت اثنين آخرين من ابنائها ايضاً بالرصاص الاسرائيلي في 1996 و2003 ان «الاحتلال قتل يوسف ومحمد، وحماس قتلت ابراهيم وهديبي والآن يريدون مصالحة على دماء ابنائي؟». وتؤكد هذه المرأة انه «لا مصالحة بعد ان حرموني اولادي الا بالقصاص (...) وكما قتلوا ابناءنا يجب ان يقتلوا». لكن النونو يوضح ان «لجنة من المختصين ستناقش القضايا بالتفصيل، وتبحث في كيفية ارضاء العائلات بحيث لا تكون القضايا عائلية، لان من قتل قتل على خلفية سياسية وليست عائلية». ويتوقع النونو «وقف اي عمليات ثأرية في المستقبل في حال تم تحقيق ما تم الاتفاق عليه من مصالحة اجتماعية وعشائرية». ويقول ابراهيم ابو النجا القيادي في حركة «فتح» ان «جميع الفصائل وقعت في مصر وثيقة شرف حول موضوع المصالحة الاجتماعية تقضي بدفع التعويضات لمن قتلوا خلال الاشتباكات من دون معرفة القاتل». ويضيف: «اما من ثبت انه قتل مع سبق الاصرار والترصد فلا بد ان يأخذ القانون مجراه». ويتابع ابو النجا ان «الفصائل التي كانت وراء عمليات القتل، اي التي كانت ترسل ابناءها ليقتلوا هي نفسها التي يجب عليها ان تنهي هذا الملف مع اهالي المغدورين». ويضيف: «نريد ان يتم تنفيذ القانون حتى لا يأخذ احد الحق بيده». وينصح الاخصائي النفسي زيادة بمعالجة هذه القضايا بالقانون تفادياً لحدوث «انتقام عشوائي والأخد بالثار والتي سيكون لها ضحايا جدد». ويختتم زيادة «لن يكون سهلاً على بعض العائلات ان تتسامح بسهولة والبعض الآخر يصعب عليهم ثقافياً تقبل الأمر».