يقضي الإنسانُ عمرَه في التعلم، سواءٌ بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ولا يقتصر التعلم على المدرسة، أو الكتاب، بل حتى عن الطفل يتعلم الكبير، ومنا من يتعلم عن خادمِه، أو سائقِه بثقافاتهم المختلفة، وإنْ لم يحملوا شهادات دراسية. يقول الأستاذ محمد حسين زيدان – يرحمه الله -: ما أكثر ما تعلمت عن سائق سيارتي الخاصة، كوني أقضي بجواره جزءاً من وقتي، ومما تعلمته عنه: كيف أن الوقت يختلف احترامه من شخص إلى آخر، بحسب اهتماماته، فالذي يكون اهتمامه منحصرا في مجالسة الناس للاستماع إلى أحاديثهم الخاصة، أو غيرها مما لا يضيف إليه شيئاً مفيداً؛ يختلف عمن يكون اهتمامه بقضاء الوقت في المكتبة، والذي يكون اهتمامه بقضاء الوقت في متابعة الفرق الرياضية- هذا كسب، وهذا خسر- يختلف عمن يكون اهتمامه بقضاء بعض الوقت في ممارسة رياضة المشي مثلاً، والذي يهتم بحضور المناسبات الاجتماعية؛ تقل استفادته من الوقت في تأليفِ كتابٍ، لو كان مفكراً مثلاً. ويقول الدكتور غازي القصيبي – يرحمه الله -: لو كنت أستجيب لكل الدعوات التي تُقدَّم لي لحضور مناسبات المآدب؛ لما ألفت كتاباً واحداً. وإنْ كان لي حق المشاركة في موضوع هذا المقال؛ فإنني أقول: لقد تعلمت من القراء الكرام بمختلف مستوياتهم وأفكارهم؛ ما لم أتعلمه من قبل، ولولا تحرجهم من أن أذكر أسماءهم تواضعاً منهم؛ لكنت ذكرتهم تشرفاً بهم. ولأجل ذلك أجدني أكتب لأتعَلَّمَ، لا لأُعلِّم. قلت: إني لأعجب كيف لا نتعلم الصدق من الطفل الذي لم يدخل المدرسة بعد.