حظيت شركة أرامكو السعودية منذ تأسيسها، برعاية ودعم قيادة المملكة، بدءاً بالمؤسس، الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ، ووصولاً إلى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز. كما حظيت الشركة خلال العقود الماضية بزيارات متعددة لملوك المملكة وأمرائها إلى مقرها في الظهران، وافتتاح عديد من المشاريع والمعامل في مناطق أعمالها في كثير من المناسبات، حيث كانوا يحرصون خلال هذه الزيارات على الاطلاع عن كثب على منجزات الشركة وتطوراتها على صعيد المساهمة في دعم و تنمية اقتصاد المملكة مع استقطاب وتطوير العنصر البشري الوطني. وستستقبل أرامكو السعودية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ليتفضل بإطلاق مشاريعها الجديدة لإنتاج الزيت والغاز، التي تساهم في تهيئة المناخ لاستدامة التوسع في اقتصاد المملكة العربية السعودية وزيادة قدراتها، والتمكين لتأسيس قطاع طاقة سعودي قوي ومنافس، وتحرز من خلالها تقدماً كبيراً نحو تحقيق رؤيتها لتصبح أكبر شركة متكاملة للطاقة والمواد الكيميائية في العالم بحلول عام 2020، كما يتفضل بافتتاح مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي الذي تعده أرامكو هديتها الكبرى لمجتمع وشباب المملكة، باعتباره الصرح المعرفي والثقافي الذي يؤسس للإبداع والابتكار والتواصل مع مختلف الثقافات والحضارات الأخرى؛ ويساهم في وضع أسس اقتصاد المعرفة والتعاطي مع التكنولوجيا لدى الأجيال الجديدة. ويمثل مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي أحد أهم مبادرات شركة أرامكو السعودية في تنمية وتطوير المجتمع السعودي، والإسراع في إرساء قواعد اقتصاد المعرفة، ويهدف إلى تعزيز الخبرات الإبداعية والثقافية التي تذكي روح الابتكار وتدفع عجلة النمو الاقتصادي، كما يسعى لتحويل المملكة إلى مركز للتميز والابتكار، والمساهمة في تأسيس قوة عاملة سعودية مستقبلية قادرة على المنافسة، وإذكاء الفضول الفكري والإبداع. وأقيم مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي، أو «المركز الثقافي» على مساحة تقدر بنحو 80 ألف متر مربع، حيث يضم عديداً من المرافق التثقيفية المتخصصة، والتي تتضمن مكتبة مركزية، ومتحفاً، وصالة للعروض، ومسرحاً، وواحة الاستكشاف المخصصة للأطفال، فضلًا عن مجموعة كبيرة من قاعات التعلم. كما بات يُعرف، فإن مركز الملك عبدالعزيز يُعد أحد أضخم المشاريع التي تعهدت أرامكو السعودية بتنفيذها، حيث يضم عدداً من الأقسام، وهي المكتبة التي صممت لتضم نصف مليون كتاب بالعربية والإنجليزية، بالإضافة إلى الدوريات والدراسات والكتب الرقمية، وتتضمن أيضاً مرافق مخصصة للعمل البحثي في مجالات أكاديمية متخصصة. كما تقدم مكتبة المركز بيئة تفاعلية يمكن للزوار من خلالها الاستمتاع بالقراءة والتعلم التفاعلي، وستحتضن المبادرات الثقافية كمسابقة لقراءة الوطنية «أقرأ» ومحاضرات وندوات الكتاب والمثقفين. ويهدف برج المعرفة إلى تنظيم الفعاليات التي تعنى ببناء مهارات القرن الحادي والعشرين لدى شباب المملكة من خلال تقديم أحدث المفاهيم في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات بالإضافة إلى الفنون والوسائط المتعددة والمهارات الشخصية وذلك بطريقة تفاعلية تشويقية تم تطويرها بالشراكة مع أفضل المؤسسات التعليمية العالمية. ويهدف مختبر الأفكار إلى تعزيز قيمة الإبداع والابتكار عند الشباب من خلال تقديم تجربة فريدة ينتقل خلالها المشارك من مرحلة صناعة الفكرة إلى مرحلة تطويرها وتطبيقها، كما يساهم في إيجاد حلول لتحديات التي يواجهها المبتكرون أثناء التصميم. وهو أول متحف مخصص للأطفال في المملكة ويهدف إلى تنمية قدرات أبنائنا الذهنية منذ بداية طفولتهم من خلال إقامة معارض وأنشطة تفاعلية وترفيهية، وتهدف إلى بناء عقول الأطفال وتنمية معارفهم، وكذلك بناء شخصياتهم من خلال الأنشطة التي يمكنهم من أن يشتركوا فيها جنباً إلى جنب مع والديهم. ويهدف المتحف إلى تعزيز الشعور بالمواطنة والهوية والانتماء الثقافي من خلال تسليط الضوء على حقب مختلفة من تراث وتاريخ المملكة، حيث تتيح مثل هذه الرؤية البانورامية إطلالة على أفكار وأشكال مختلفة من التعبير والفهم الثقافي للمنطقة والعالم، ويتكون من أربعة معارض هي معرض فنون ويعرض بعض أفضل نماذج الفن المعاصر من السعودية والشرق والأوسط، ومعرض أجيال، ويستكشف الهوية الوطنية التاريخية والثقافية للمملكة العربية السعودية، ومعرض كنوز ويركز على المعروضات المتعلقة بالفن والتراث الإسلامي من جاو إلى غرناطة ومن دمشق إلى دلهي، إضافة إلى معرض رحلات الذي يصور التاريخ الطبيعي للمملكة العربية السعودية. وتتسع قاعة المسرح إلى ما يقارب ألف مقعد، ويضم أعمالاً سعودية وعالمية تعزز القيم الثقافية والاجتماعية السعودية، وتوفر تدريباً لأصحاب المواهب المسرحية، كما يضم قاعة للعرض متعددة الوسائط تتسع لثلاثمائة شخص وتهدف الى تهيئة بيئة داعمة للإنتاج الفني من خلال عديد من البرامج التي تؤسس للفنون البصرية المختلفة وإنتاجها وعرضها بالإضافة لعروض الأفلام الوثائقية الثقافية والعلمية من مختلف العالم. وتجسد القاعة الكبرى نقطة اتصالنا مع العالم، حيث ستستضيف المهرجانات والمتاحف والمعارض الزائرة من كافة أنحاء العالم، وكذلك مؤتمرات واحتفالات وفعاليات ثقافية ومنتديات سنوية، حيث سيتعرف الجمهور من خلال كل ذلك على مختلف الثقافات العالمية وانعكاساتها في ثقافتنا المحلية والعربية. وينهض معرض الأرشيف في المركز بمهمة إدارة وحفظ السجلات والوثائق التي ترصد قصة أرامكو السعودية، إذ يحتوى على مقتنيات نادرة وتاريخية وأفلام وثائقية، ويستطيع الباحثون والمهتمون من خلالها رصد تراث المملكة وتاريخها الاجتماعي والثقافي. وتتمحور تجربة الزيارة في معرض الطاقة حول النفط والعلوم والطاقة والتكنولوجيا، حيث يستطيع زواره من الشباب في عمر مبكر من ربط العلوم بالطاقة ومن ضمن رحلة إنتاج البترول من الحقول وحتى وصلها إلى المستهلكين، كما يمكنهم من الاطلاع على الجديد في مجال الطاقة البديلة ولفت الانتباه إلى الحلول الحديثة في مجال ترشيد الطاقة واستهلاكها. ولا يقتصر المركز في برامجه على ما سيقدمه في قاعاته بل يمتد حضوره إلكترونياً وذلك من خلال تشكيلة واسعة من التطبيقات والألعاب التعليمية المتوفرة على الإنترنت، حيث صممت خصيصاً لتقديم المفاهيم العلمية والفنية والإبداعية في مجالات متعددة وبصورة جذابة للنشء والشباب. ويوفر مركز الملك عبدالعزيز الثقافي والعالمي آلاف الفرص الإثرائية من خلال برامجه التطوعية المختلفة والتي تهدف إلى بناء المهارات الشخصية واكتساب الخبرات العملية وتعزيز قيمة المواطنة. ويتميز هذا الصرح الشامخ بتصميماته الإبداعية في الكسوة الخارجية ومساحاته الداخلية التي يمتزج فيها التصميم المعماري الأخاذ بأحدث التقنيات المتطورة، علاوة على أن المركز سينال شهادة الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة «ليد» من الفئة الذهبية، ليكون بذلك أحد أكثر المباني محافظة على البيئة والفريدة من نوعها في منطقة الخليج بأسرها، ومثالًا يُحتذى به لغيره من المؤسسات، ويُحيط بالمركز متنزه ثقافي يضم مركز علوم الطاقة المعاد تجديده وهيكلة أهدافه، بالإضافة إلى مسجد وحدائق ومسطحات خضراء مترامية الأطراف. وتسعى المملكة من خلال المركز إلى الانتقال لحقبة المجتمع والاقتصاد القائمان على المعرفة، وأن يكون له صوت مسموع ومؤثر في الحوارات والمناقشات العالمية حول الفنون والثقافة والإبداع والمجتمعات، كما يهدف المركز إلى إشراك كوادره الشابة في هذه المهام ذات التبادل الثقافي من خلال تبادل المعرفة، واحتضان الإبداع، ومد الجسور الثقافية نحو العالم. وشركة أرامكو منذ نشأتها في ثلاثينيات القرن الماضي وضعت نصب عينها عديداً من الأهداف الاستراتيجية التي حققتها من خلال إنجازاتها الكبيرة في بناء مشاريع عملاقة داخل المملكة العربية السعودية، كما دخلت في مشاريع مشتركة داخل وخارج المملكة من أجل توفير الطاقة التي اعتبرتها أحد أهم عناصر الحياة الحديثة في العالم. وتمثل هذه المشاريع الحيوية، سواء المملوكة بالكامل لأرامكو، أو ذات طابع الشراكات الاستراتيجية مع الشركات العالمية الرائدة الأخرى في الداخل والخارج، البداية لجعل الطاقة قادرة على خدمة احتياجات التنمية والتقدم البشري في المملكة وجميع أنحاء العالم، وتساعد أرامكو السعودية على المحافظة على مرتبتها الأولى عالمياً من حيث الطاقة الإنتاجية القصوى، والبالغة 12 مليون برميل في اليوم. كما تؤكد حقيقة أن برميلاً واحداً من كل ثمانية براميل يتم إنتاجها في العالم تقريباً يأتي من أرامكو السعودية، وهو الأمر الذي يعزز من سمعة الشركة باعتبارها أكثر مورِّدي الطاقة موثوقيةً في العالم. وتعكف أرامكو السعودية حالياً على إنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للصناعات والخدمات البحرية في رأس الخير، الواقع بالقرب من مدينة الجبيل الصناعية على الساحل الشرقي للمملكة بالشراكة مع شركة «بحري» السعودية، وشركة «هيونداي للصناعات الثقيلة» الكورية، بقيمة أربعة بلايين دولار. ومن المتوقع بدء تشغيل هذا المجمع، الذي سيقوم بإصلاح وتصنيع السفن، بحلول عام 2018م، على أن تكتمل أعمال البناء والتشغيل بالكامل بحلول عام 2022م، وسيكون هذا المشروع عند الانتهاء منه، أحد أهم المشاريع الحيوية والمحورية في المملكة، وسيجعل من المملكة مركزاً تقنياً يضم أفضل الخبرات في مجال الهندسة والإنشاءات البحرية على مستوى المنطقة. والمجمع الملك مصممٌ ليكون إيذاناً ببدء عملية بناء صناعات متكاملة من خلال مشاريع تنموية كبرى بالتعاون مع شركاء رئيسين. كما سيُساهم المشروع في استقطاب الاستثمارات الأجنبية والسعودية والمشاريع التجارية الجديدة إلى الميناء وحوض السفن اللذين سيشيَّدان في رأس الخير. وسيتضمن حوض السفن في رأس الخير، باعتباره واحداً من أحدث أحواض صناعة السفن وإصلاحها في العالم، أحدث المرافق التي تُعنى ببناء السفن وأبراج الحفر والمنصات المخصصة للعمل في المناطق المغمورة وإصلاحها وصيانتها. كما سيكون بإمكان حوض السفن هذا أن يمهِّد لإنشاء أنشطة صناعية جديدة مثل خدمات أعمال الحفر وحقول الزيت وغيرها من أنشطة سلسلة التوريد التي تقع ضمن نطاق المصالح الاستراتيجية للشركة. ومن المرجح أن يُساهم هذا المجمع في خلق أكثر من 80 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، وأن يجعل من المملكة محوراً من محاور التقنية في مجال الخدمات الهندسية البحرية على مستوى المنطقة. وتعتمد أرامكو السعودية على قطاع النقل البحري والصناعات والخدمات البحرية لتسليم إمدادات الزيت الخام والمنتجات المكررة واستمرار أعمالها التشغيلية في المناطق المغمورة. كما أن من شأن إطلاق قطاع صناعي محلي يُعنى ببناء السفن وإصلاحها أن يساعد في تنويع مصادر الاقتصاد الوطني، وطرح مهارات وتقنيات جديدة، وخلق الفرص الوظيفية.