أوضح وزير الخارجية عادل الجبير أن المملكة هي واحدٌ من اللاعبين الرئيسين في سوريا، وهدفها هو إيجاد حل سياسي للأزمة فيها بناء على مبادئ اتفاق جنيف والمجلس الانتقالي، والسلطة ستنتقل من بشار الأسد إلى هذا المجلس، وبعد ذلك ستديرها مؤسسات الدولة، ولن يكون لبشار الأسد موطئ فيها، مبيناً أن المملكة داعمة للمعارضة السورية وتؤدي دوراً في توحيد مواقفهم والإتيان بهم لاتخاذ موقف مشترك في الرياض، وقد اختاروا هيئة تفاوض عليا اختارت بعد ذلك لجنة للمفاوضين وفريقاً للتفاوض، وهم جاهزون للسير في هذا الاتجاه. جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده وزير الخارجية أمس في مقر وزارة الخارجية بالرياض مع نظيره السويسري ديدييه بوركهالتر، مبيناً أن سويسرا دولة محايدة وأدت عبر التاريخ دوراً مهمّاً في تقارب المواقف وفي السعي من أجل السلام والأمن والاستقرار في العالم وهذا محل تقدير من جميع شعوب العالم. وقال الجبير إنه حينما بدأت الأزمة في سوريا استعان بشار الأسد بالشبيحة لقتل الأطفال وهتك أعراض النساء وقتل الأبرياء وتدمير المنازل ولم يستطع أن يهيمن على شعبه، واستعان بجيشه وفشل واستعان بالإيرانيين الذين أرسلوا الحرس الثوري وفشل، واستعان بميليشيات شيعية كحزب الله وميليشيات تم تجنيدها من العراق وباكستان وأفغانستان وفشلوا في إنقاذ بشار الأسد، والآن هو استعان بروسيا وستفشل في إنقاذه كونه من المستحيل أن يبقى رجل مسؤول عن قتل 300 ألف من الأبرياء وتشريد 12 مليوناً من شعبه وتدمير بلاده، المسألة مسألة وقت وبإذن الله عاجلاً أو آجلاً سيسقط هذا النظام وسيفتح المجال لبناء سوريا جديدة دون بشار الأسد. وعن التسلسل الزمني لوصول قوات سعودية إلى سوريا، قال الجبير: «إن المملكة كانت من أول البلدان الداعية ليكون هناك تحالف دولي لمحاربة داعش في سوريا واستضافت اجتماعاً في جدة في سبتمبر 2014، وجاء فيه عدد من البلدان في المنطقة، وأتى وزير الخارجية الأمريكي وأوضحنا له أن المملكة مستعدة في الدخول في حملة ضد داعش في سوريا، وأن عدداً من البلدان في المنطقة ستشارك في تلك الحملة وتكوين هذا التحالف، والعمليات بدأت في أواخر سبتمبر 2014 وشاركت طائرات سعودية في تلك الحملة في البداية واستمرت فيها، ونشر المملكة قواتٍ في قاعدة أنجرليك في تركيا هي جزء من هذه الحملة ضد داعش، وجاهزية المملكة لتقديم قوات خاصة للعمليات البرية في سوريا مرتبطة بقرار بأن يكون هناك مكون بري لهذا التحالف ضد داعش في سوريا، هذا التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة وبالتالي التوقيت ليس لنا، وذكرنا أنه إذا قرر التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة أن يتخذ قراراً بأن يستخدم قوات برية فإن المملكة العربية السعودية ستكون جاهزة للمشاركة بنشر قوات خاصة مع هذه القوات، وأعتقد أن دولة الإمارات العربية المتحدة قالت نفس الأمر، ولكن فيما يتعلق بالتوقيت أو المهمة أو حجم القوات هذا الأمر سنعمل عليه وسنحدده لاحقاً، أولاً سنعرف حينما يُتَّخذ القرار بنشر القوات البرية: ما هي المهمة المسندة لتلك القوات البرية؟ وثانياً: ما هي المتطلبات المطلوبة حتى تحقق هذه القوات مهمتها؟ وبعد ذلك أستطيع أن أخبركم كم عدد القوات التي ستذهب إلى هناك، ولكن اتخذنا القرار بتقديم القوات الخاصة جزءاً من أي مكون أرضي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد داعش في سوريا». وحول تحمُّل الأممالمتحدة جزءاً من تفاقم الوضع في العالم العربي من خلال تخاذلها في تطبيق قراراتها الأممية، قال وزير الخارجية: «أعتقد أن الأممالمتحدة كثير من قراراتها لم يتم تنفيذه سواء كان القرار 242 الذي يتعلق بالقضية الفلسطينية أو القرارات المتعلقة بلبنان أو سوريا والقرار 2216 المتعلق باليمن وقرار 2254 المتعلق بسوريا، مع الأسف الأممالمتحدة تعبر عن وجهة الأعضاء والأعضاء في مجلس الأمن، ولكن عندما تأتي مرحلة التطبيق فإن الدول التي لا تلتزم بالقرارات لا توجد آلية في الأممالمتحدة لتفرض عليها أو تلزمها بتطبيق هذه القرارات، وأعتقد أن القرارات الأممية التي لم تطبق لا تخص فقط العالم العربي أو العالم الإسلامي ولكن هذا بشكل عام في العالم ككل، فكثير من هذه القرارات أعتقد أنه من الناحية المنطقية يجب أن ننظر إليها بأنها إلى حد ما طوعية تعبِّر عن إرادة أعضاء مجلس الأمن وعن إرادة أعضاء الأممالمتحدة». وقال الجبير: «إن النظام السوري يستمر في التأخير والتسويف ويرفض التحدث عن القضايا الجوهرية، ويستمر كذلك في استخدام الطائرات والبراميل المتفجرة وتجويع السكان، وحلفاؤه إيران وروسيا كانت لديهم حملة ضد الشعب السوري وبالتالي العملية السياسية صعبة، ولكن يحدونا الأمل فلقد وافقنا في ميونخ على أن يكون هناك إيصال فوري للمساعدات الإنسانية، وسيصل ذلك في اللحظة التي نتحدث فيها إذا وافق النظام السوري، والأممالمتحدة قدمت ما يزيد عن 130 من الطلبات لتقديم المساعدات الإنسانية إلى الأشخاص المحتاجين في سوريا، وأعتقد أن الحكومة والنظام السوري تصرف على 14 من الطلبات المختلفة، وبالتالي أصبح واضحاً أنه ليس لديهم أي نية في تخفيف المعاناة عن الشعب السوري»، معرباً عن أمله أن يتغير ذلك بعد الاتفاق الذي حصل في ميونخ. وأضاف الجبير «أن الأمر الأساسي في الأسابيع المقبلة هو البدء في إيقاف القذف بالطائرات وإظهار النيات الحسنة، وبعد ذلك تبدأ عملية الانتقال السياسي، ونحن مصرون على تقديم المساعدة للمعارضة السورية وحلفائنا حتى يستطيعوا الانتصار في ميدان المعركة، وقلنا بصورة متسقة ومستمرة إن النظام هو المسؤول عن مقتل 300 ألف سوري، وكذلك تهجير ما يزيد عن 12 مليوناً وليس له مكان في ذلك البلد، ولا يوجد شك في ذلك، هذا ممكن أن يحصل بصورة سريعة وسلسة من خلال عملية سياسية أو يمكن أن يحصل ذلك بالقوة لأن الشعب السوري لن يتقبل هذا النظام». وأكد وزير الخارجية أن المملكة ستحمي الشعب السوري، وأدت دوراً رئيساً في دعمه سياسيّاً وعسكريّاً وأخلاقيّاً واقتصاديّاً، وستستمر في القيام بذلك، وننظر إلى أبناء الشعب السوري كونهم إخوتنا، وقد اضطهدوا، شعب له تاريخ متميز فيما يتعلق بالتاريخ العربي والإسلامي، ودمشق هي أقدم مدينة مسكونة في العالم، وهي كذلك كنز لكل العالم، ودُمرت هذه العاصمة -وهذا إرث للتاريخ الإنساني- بسبب أعمال الذي يشاهده العالم»، مبيناً أن المملكة العربية السعودية ترفض أن تشاهد ذلك وأن تتفرج على ذلك ولا بد من أن تتصرف وأن تضع نهاية من خلال العمل الدبلوماسي والسياسي، وفتحت أبوابها للإخوة السوريين، فلقد استقبلت المملكة من بداية الأزمة عام 2011 مليونين ونصف المليون من الشعب السوري، وقدمت لهم إقامات وحصلوا على خدمات صحية ووظائف وتعلموا في مدارس المملكة، كما قدمت المملكة مساعدات لدعم معسكرات اللاجئين في الأردن ولبنان بصورة مباشرة ليكونوا قادرين على معالجة الوضع الإنساني. وحول عواقب تدخل المملكة في سوريا، قال الجبير: «نعم ستكون هناك عواقب إيجابية إذا استطعنا أن نحدث التغيير الذي سيحصل في سوريا، وسيكون هناك شرق أوسط أكثر استقراراً وأكثر سلاماً، ونحن لسنا مهتمين بمغامرات تتخطى حدود المملكة، وليست لدى المملكة طموحات تتخطى حدودها ولا تسعى للحصول على أي أراضٍ ولا على أي موارد، ولديها ما يكفي من كل ذلك، وإنما تسعى وتبحث عن بلد أو جوار آمن ومسالم». قال وزير الخارجية: «إن سويسرا عرضت أن تلعب دوراً وتراعي مصالح المملكة العربية السعودية في إيران من أجل تسهيل الإجراءات للحجاج والمعتمرين، والمملكة تقدر ذلك، وقبلنا هذا الدور لسويسرا من أجل تسهيل الإجراءات للحجاج والمعتمرين الإيرانيين للقدوم للمملكة لأداء مشاعر الحج والعمرة، وذلك بهدف عدم تأثر المسلمين في إيران حين قدومهم إلى بيت الله الحرام، مرحباً بهم في أي وقت ومتى ما يشاءون»، معرباً عن تقديره لموقف سويسرا وعرضها رعاية مصالح المملكة في إيران. وبيّن الجبير أن المملكة ترتبط بسويسرا بعلاقات قديمة وعلاقات إيجابية، مشيراً إلى أن هناك حجماً تجاريّاً ضخماً بين البلدين، وتبادلاً فيما يتعلق بالزيارات من قبل مواطني البلدين. وأوضح أنه بحث اليوم مع الوزير السويسري المستجدات في المنطقة، وفي مقدمتها العلاقات الثنائية بين البلدين وكيفية تطويرها وتعزيزها في كل المجالات، وتم الاتفاق على أن تكون الزيارات بشكل مكثف، كما تم بحث الأزمة السورية والأوضاع في اليمن وفي المنطقة بشكل عام. وقال بوركهالتر: «إن الحرب في سوريا قد طالت فترتها وأمدها، وهنالك فرصة تكمن في استئناف المفاوضات في جنيف وفي سويسرا، وقد أخفقت المفاوضات في جنيف (واحد واثنين)، ومع هذه الإخفاقات للمجتمع الدولي كانت هناك كثير من المعاناة وعانى كثير من أبناء الشعب السوري، ويجب الآن إيصال المساعدات الإنسانية بسرعة في المناطق المحاصرة، كما يجب أن يكون هناك وقف لإطلاق النار، ويجب أن تكون هناك حكومة مؤقتة، وبعد ذلك بناء شامل للمجتمع، وحان الوقت الآن للبدء في هذه المرحلة»، مبيناً أنه «حان الوقت للانتقال إلى السلم، ويجب القيام بأدوار إيجابية لاستئناف المباحثات في فيينا وسندعم ذلك بآمالنا وجهودنا». وفي سؤال حول مبادرة سويسرا بين المملكة وإيران، قال بوركهالتر: «إن هذه المبادرة بسيطة، تقدمنا للجانبين المملكة العربية السعودية وإيران بإمكانية أن نستخدم النيات الحسنة لسويسرا لحماية الموانئ والوفاء بالخدمات الدبلوماسية والقنصلية، وإذا كان هناك رغبة في أن يكون هناك قنوات اتصال، ولكن الخدمات الأساسية والقنصلية وهذا العرض تم تقديمه في بداية السنة، وكان هناك قطع للعلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإيران، وقبلت إيران هذا العرض سلفاً، وهو طلب شفهي لسويسرا للقيام بهذا الدور وهذا التفويض لإيران والمملكة قدمنا لها ذلك، ووزارة الخارجية أعطت الموافقة بالمبادئ والآن في هذه المرحلة حيث سنناقش الكيفية، المبدأ مقبول ولكن الكيفية هذه سيناقشها الفريقان في الأسابيع المقبلة، وبعد ذلك سيكون هناك اتفاقية رسمية، وسويسرا بعد ذلك ستتصرف كجهة تحمي مصالح المملكة في إيران ومصالح إيران في المملكة».