تظل القاهرة – بالرغم من كل الظروف – عاصمة المدائن العربية، حتى وأنت تتنفس دخان العوادم إلا أنك تشعر بأن هناك تاريخاً حضارياً لا يطمسه الزمن وإن تقادمت الأيام، وتبقى رائحة الجمال تلازمك أنى اتجهت على صفحات النيل الرقراقة، يستقبلك أكثر من تسعين مليون وجه مبتسم، ويودعك مثلهم بذات الابتسامة، هكذا هي قاهرة المعز، كانت ومازالت وستبقى محجة الأدب والفن والثقافة. كل عناوين المعرض وفعالياته، والقاهرة ومعاناتها تحتاج إلى مقالات مستقلة، والاتحاد العالمي للشعراء بشعاره الجميل (أنسنة العالم) الذي يرعاه المركز العربي للثقافة والإعلام يحتاج إلى مقالة مستقلة، لكنني اليوم سأستعرض فقط بعض المشاهد، وأكتب بعض الانطباعات في جمل قصيرة مبسطة لعلها تصل للمتلقي بهدوء وبلا ضجيج. في افتتاح معرض القاهرة الدولي الكتاب كان الجميع وزراء للثقافة، يحملون على عاتقهم هم النجاح وخوف الفشل، وعندما تفتح البوابات للجمهور الذي يقف طوابير طويلة يزدحم بهم الشارع المقابل كان الجميع وزراء للداخلية يحافظون على أرواح الناس ويسعون لأن تكون عملية الدخول والخروج خالية من التدافع، وعندما بدأت الأنشطة المصاحبة تسنم كبارها المنصة وبدأ ينداح النثر وينساب الشعر بشقيه الفصيح والشعبي ولكل جمهوره التواق له، القاعات المختلفة في المبنى الرئيس تعج بالجماهير التي تتابع الأنشطة المختلفة، ومنصات البيع تضج بالباعة والمتسوقين، ومنصات التوقيع تعج بالكُتّاب، والقاعات تمتلئ بالمتابعين والجماهير الوفية للقراءة. الأمسيات الشعرية شارك فيها أعداد كبيرة من الشعراء العرب وشاعراته، لم يقتصر المنظمون على مصر وحدها على الرغم من أن لديهم بنكا من الشعراء سيغطي البرنامج ويفيض. في اليوم التاسع للمعرض كنا على موعد مع الاتحاد العالمي للشعراء، تحت منظومة المركز العربي للثقافة والإعلام برئاسة سفير الثقافة الشاعر عبدالله الخشرمي، الذي يوليه كل اهتمامه وكان ضيف الشرف الأمير بدر بن عبد المحسن وشاركه على المنصة وزير الثقافة المصري حمدي النمنم وشيخ النقاد الدكتور صلاح فضل، فكان نشاطا حافلا بالحب والشعر والتكريم والوفاء. أرض المعارض كانت قاعا صفصفا بعد أن تم هدم جميع المباني السابقة التي كان يقام فيها المعرض في هذا الموقع، ولم يبق سوى مبنى القاعة الرئيسة والصندوق الاجتماعي، ليضطر المنظمون إلى عمل خيمات لدور النشر ممتدة على طول الطرقات الداخلية. (البحرين) الدولة الضيف لها ركن خاص بجوار الصالة الرئيسة للأنشطة وقدمت نماذج فنية وإبداعية راقية مثلت بلدها خير تمثيل، وإن كنت أعتقد أنه كان بالإمكان أفضل مما كان. التلفزيون والإذاعة والصحافة كانت حاضرة بقضها وقضيضها، ولم تأل جهدا في متابعة الفعاليات الرسمية ولم تغفل بقية الأنشطة الجانبية المصاحبة للمعرض التي تقوم بها بعض دور النشر. في حفل توقيع كتابي «مع الريح» كانت تشاركني الدكتورة نعيمة حسن بكتابها «في لحظة حب» فشكرا دار النابغة وشكرا لكل الأصدقاء والصديقات الذين شاركونا الاحتفاء بتوقيع الكتاب، وشكرا مصر.