سَنُّ القوانين لا يتم في قاعات تناول الشاي والقهوة، بل على أرض الواقع، وفق دراسات ميدانية، لا بحسب الهوى والمزاج الشخصي. وسأطرح عليكم ثلاثة أمثلة تحاكي معاناة المواطنين مع ما يضعه بعض المسؤولين من قوانين. أظن أنكم سمعتم – عبر قنواتنا الفضائية – قصة «أم عبدالرحمن» التي أمْسَكَ بها النظامُ متلبسة بتهمة طلب الرزق الحلال، بدلاً من مد يدها للناس، هذا يعطيها وهذا يمنعها.. ولكن الحمد لله، انتهت جريمتها البيضاء بتغيير القوانين لصالحها ومثيلاتها، بعد تدخل قناة الإخبارية «برنامج الراصد» للمتألق عبدالله الغنمي. فهل لابد من طرح معاناة الناس في وسائل الإعلام ليعري سوأة الأنظمة، فيتم تغييرها بعد ذلك بما يوافق العقل؟! حسناً، لنعرض معاناة الطلاب المبتعثين؛ عند طلب تذاكر السفر لقضاء إجازاتهم الرسمية بين ذويهم، وفي وطنهم الذي طالما اشتاقوا إليه، إذْ تقول الأنظمة: لا يحق للطالب الحصول على تذكرة السفر السنوية إذا كانت مدة الإجازة أقل من عشرين يوماً، فإن كانت تسعة عشر يوما؛ فعليه قضاؤها في بلد الغربة! علماً بأن الملحقيات تعلم يقيناً أن مدة الإجازة تحددها الجامعة وليس الطالب، وحتى لو حصل الطالب على عشرين يوماً؛ فإنه قد لا يحصل على مقعد حيث تحتكر شركة الطيار حجوزاتهم، ولا يحق لهم السفر على أي شركة أخرى إطلاقاً، وإن قام الطالب بتغيير الموعد وفق إمكانات مقاعد «الطيار» التي لا تتوافق مع إجازته؛ فإن الملحقية توقف مكافأة الطالب- فوراً- لمخالفته الأنظمة، فأي أنظمة هذه، وفي أي غرفة تم طبخها؟! أخيراً، يَمنعُ النظامُ أصحابَ الفضيلة القضاة من الرد على معاناة المواطنين البسطاء الذين تتأخر صكوك منازلهم عشرات السنين، ويمنحها لمواطني الدفع الرباعي في أيام معدودة، فهل من ناطق باسم الوزارة يتحدث لوسائل الإعلام التي تبَيَّنَ أنها تفرض على المسؤولين سَنَّ الأنظمة وفق حاجات الناس؟!