عاشرت أبا الكروش الأصلعاني عشرين عاماً ولم أعرف أنه أصلع إلا حين جذب رجل شماغه فالتمعت صلعته فاختبأ في داره شهرا. وسمعت رجلا يسأل مستفتياً: هل تعتبر الباروكة جزءاً من اللبس في العمرة والحج؟ وكان فنكوش العيار يقول: إذا أردت أن تعرف إن كان صاحبك يضع باروكة فراقبه عند هطول المطر أو هبوب عاصفة، تجده يضع يده على رأسه كأنه يثبت طاقية. والأصلع هو من ينصحك بعدم السير عاري الرأس بحجة أنه يخل بالرجولة والهيبة. وسئل صاحبنا العلامة أبو قبعة: لماذا الرجل لا تضيره كرشه، ويخجل من صلعته؟ فقال: في السابق كان الرجال صلعاناً غير مكرشين، ثم ارتبطت الكرش بالثراء والوجاهة، بينما الصلعة تحرج الزوجات في السفر، وتضفي على الرجل بضع سنوات ظلماً. وطلب هَبَنّقَة قرضاً من صديق ووعده الإيفاء عاجلاً، فقال: بل أريد قسماً أن تخلع طاقيتك إن لم تسدد دينك.. فترَاجَع هبنقة عن القرض. وبقي حمنطر بن برصيصة عازبا رغم حرصه على الزواج، فلما سألته السبب، وهو المقتدر، قال: قاتل الله نساء هذه الأيام ما دخلتُ داراً أخطب فتاة إلا طلبت خلع طاقيتي فأنسحب خشية ظهور صلعتي. وكنت أعرف جاراً وقورا متزوجا من أربع، ومع ذلك لا يخلع طاقيته أبداً، فقلت له: قد يخشى الأصلع نفور النساء وأنت جاوزت الحد، ونساؤك يعرفن حالك، فلمَ الحرج؟ قال: كلما أظهرت صلعتي أمام صديق استغرب وضعي وأنكر حالي وأنه لم يظنني أبداً من الصلعان. وقيل إن أكثر الصلعان ستراً هُم المشائخ، وأشدهم انفضاحاً هم العسكر.. وأسعدهم عساكر الحرس الوطني. ومن فوائد الصلع أن أصحابه لا يخرجون إلا في كامل أناقتهم فيقلّصون عدد “أبو سروال وفانيلة”.