اشتهر أبوالكروش الأصلعاني بأنه مزواج، ثم ركن زمناً إلى امرأة واحدة، فقيل له “لقد خفُت حسك وهمدت طاقتك”. قال “بل أحببتها، وكلما تاقت نفسي إلى زواج ذهبتُ بها إلى طبيب تجميل فنفخ شفة أو صقل خداً أو ملأ ردفاً أو كبر نهداً، فكأني كل عام زوج جديد”. وطلق هنتمة اليوسفاني زوجته بعد زواجه بيوم، فذهبت إلى القاضي تشكوه، فلما حضر عند القاضي وهي إلى جواره، أظهر للقاضي صورة سابقة لها، وقال “تزوجت هذه”، ثم كشف وجه زوجته، وقال “وليلة الزواج وجدت هذه، فأيهما زوجتي؟”. دخل علينا أبومطاط الإسفنجي فإذا بشرته المتهدلة مصقولة لا عوج فيها، وملامحه تفيض شباباً، كأنه ابن ثلاثين بعد أن تجاوز الستين، فاستنكرناه، فقال “أنا صاحبكم، إنما هو شباب متجدد، وفياجرا متوفرة، فابحثوا لي عن شابة وضيئة أبني بها”. وحدثنا هبنقة عن زيارته لبيروت، فقال “كأن نساءها توأم لم أستطع التفريق بينهنّ، فكلهنّ متشابهات”. وتعرض فنكوش القربعاني إلى حروق في وجهه، فذهبتُ أزوره في البيمارستان، فهمس لي “لا شيء خطر، إنما أردت جراحة تجميلية، فاستحيت أن أفعلها علانية، ولم أجد بداً من بعض الحروق؛ لتكون عذراً مقبولاً”. وحدثنا أنس ابن أخت هذيل، فقال “إذا غير الرجل ملامحه، وبدل في خلقته عامداً متعمداً قصد الزينة والشباب، فلا تثق في أخلاقه، واحذر التعامل معه؛ فهو إلى التلون أقرب، وإلى المخادعة ألصق”. وسمعت من يقول “سابق الرجال النساء على عمليات التجميل، فلم نعد نعرف أصحابنا إلا بفصائل دمهم وهوياتهم”. ونصحتْ أم أصبع جمعاً من صويحباتها، فقالت “احذرن تجمل رجالكنّ؛ فإن فعلوا فهي الزوجة الثانية”. فنهضن صارخات “ويلاه كلهم كذلك!”.