تنهمك الطواقم الطبية في معاينة المحاصَرين في مضايا السورية التي باتت رمزاً للمعاناة مع انضمام فتى إلى قائمة المتوفين جوعاً، في وقتٍ تحثُّ الدول الغربية الأممالمتحدة على التحرُّك لرفع الحصار. وأبلغت منظمة الأممالمتحدة للطفولة «يونيسيف» عن وفاة علي (16 عاماً) جوعاً، ولاحظت ممثلتها أن ذويه لم يقووا على البكاء عليه لمعاناتهم من ضعف التغذية. وغداة إيصال قافلة مساعداتٍ ثانيةٍ إلى البلدة الواقعة في ريف دمشق تحت حصار النظام وحزب الله؛ دخلت إليها أمس عيادةٌ نقالةٌ تابعةٌ لمنظمة الصحة العالمية والهلال الأحمر «لمعالجة حالات سوء التغذية». والعيادة عبارةٌ عن حافلةٍ مجهزة بسريرٍ للفحص ومعداتٍ لازمةٍ لتقديم الرعاية الأوَّلية من قِبَل طاقم مؤلف من طبيب مختص وممرض. وذكر مصدر أن العيادة غادرت بعد الظهر وعادت إلى دمشق عقب معاينة عدد من الأشخاص. ومن المقرر دخول فرق طبية جديدة غداً الأحد، وفقاً للأمم المتحدة. وبالتزامن؛ أعلنت منظمة «يونيسيف» أسفها لموت الفتى علي في مستشفى ميداني في مضايا بحضور مندوبين عنها كانوا ضمن البعثة المرافقة لقافلة المساعدات الثانية. وروت ممثلة المنظمة، هناء سنجر، بتأثر بالغ كيف شهدت الوفاة. وأوضحت «أخذونا إلى الطابق السفلي من مستشفى ميداني، حيث كان طفلان، جسداهما أشبه بهيكلين عظميين، يتشاركان سريراً واحداً». ولفتت إلى طبيبة من المنظمة اقتربت لمعاينة علي و«وجدت أنه ما من نبض فبدأت بإنعاشه مرة مرتين ثلاث مرات، ثم نظرت إليَّ وقالت لقد رحل، قبل أن تُقدِم على إغماض عينيه». ولم يقوَ أفراد عائلة المتوفى الجالسين في الغرفة ذاتها على التعبير عن حزنهم، وفق سنجر، جرَّاء الإرهاق الذي يعانون منه «إلى درجة أنهم لم يكونوا قادرين على الحزن أكثر، كانوا يبكون بصمت وكانوا عاجزين». وعلي واحد من نحو 30 شخصاً تُوفّوا جرَّاء سوء التغذية في البلدة منذ مطلع ديسمبر الفائت نتيجة حصار بدأ قبل 6 أشهر بمعرفة قوات نظام بشار الأسد وميليشيات حزب الله. وتحدثت سنجر أيضاً عن «الأطفال الذين يتسولون للحصول على قطعة من الخبز»، قائلةً «بعضهم يأتي ويعتذر منك بعد السؤال لمرات عدة عن الخبز وإجابتك بأنه ليس بحوزتك شئ». وتؤوي مضايا نحو 42 ألف شخص بينهم 20 ألف طفل، وفق «يونيسيف» التي اعتبرت أنه «من غير الممكن قبول حدوث كل هذا في القرن ال 21». ويعمل طبيبان فقط في البلدة، فيما لم يحصل الأطفال الصغار على التلقيح ضد شلل الأطفال أو الحصبة أو الأمراض الأخرى منذ نحو 10 أشهر. وأفاد بيان ل «يونيسيف» أن الفحوصات التي أجراها فريقٌ منها ومن منظمة الصحة العالمية الخميس أظهرت علامات سوء التغذية المتوسط والحاد على 22 طفلاً من 25 تم فحصهم. فيما ظهرت على 6 من أصل 10 أطفال وفتيان آخرين تتراوح أعمارهم بين 6 و18 عاماً علامات سوء التغذية الحاد «وبينهم فتى (17 عاماً) في حالة تجعل حياته مهددة، وهو بحاجة ماسة إلى الإجلاء الطبي الفوري». وأشار البيان إلى «امرأة حامل في شهرها التاسع تعاني من عسر في الولادة وبحاجة ماسة إلى الإجلاء الطبي الفوري». وانتقدت المنظمة ما سمَّته «وجود 14 مضايا» أخرى في سوريا، في إشارة إلى المناطق التي «يُستخدَم فيها الحصار كخطة وتكتيك حربي». وطالبت سنجر ب «منح الفرق الإنسانية إمكانية الوصول دون عوائق أو شروط أو قيود (…) من أجل تقديم الرعاية الطبية والغذائية العلاجية والإجلاء الطبي الفوري للحالات الحرجة لدى النساء والأطفال». على المستوى الدولي؛ تستمر الدعوات لرفع الحصار عن مضايا قبل نحو أسبوعين من الموعد المحدد لانطلاق جولة التفاوض بين ممثلين عن النظام والمعارضة في جنيف بحثاً عن تسوية سياسية. وطلبت باريس وواشنطن ولندن عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي لبحث الموضوع. وبحسب دبلوماسيين؛ كان يُفترَض عقد الاجتماع أمس عند الساعة ال 8 مساءً بتوقيت غرينتش. ولم ترشح معلومات عن محتواه حتى ساعة طبع الصحيفة. واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، استخدام التجويع سلاحاً حربياً «جريمة حرب».