توجهت عيادة نقالة الجمعة إلى بلدة مضايا المحاصرة من قوات النظام في ريف دمشق والتي تحولت رمزاً لمعاناة المدنيين في سورية، في وقت أكدت منظمة يونيسف أن طفلاً يعاني من سوء التغذية توفي أول من أمس أمام مندوبيها. ومن المقرر أن يكون مجلس الأمن الدولي قد عقد اجتماعاً عاجلاً مساء الجمعة بناء على طلب من باريس وواشنطن ولندن للمطالبة برفع الحصار عن المدن السورية. وغداة إدخال دفعة ثانية من المساعدات إلى بلدة مضايا المحاصرة في شكل محكم منذ ستة أشهر، توجهت الجمعة «عيادة نقالة تابعة لمنظمة الصحة العالمية والهلال الأحمر السوري لمعالجة حالات سوء التغذية»، وفق ما قالت مسؤولة وحدة الإعلام في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة رنا صيداني لوكالة «فرانس برس». وأوضحت صيداني أن الفرق الطبية التي رافقت قافلة المساعدات الأخيرة الى مضايا عاينت «350 شخصاً»، مؤكدة وجود «حالات سوء تغذية حادة». وأبدت منظمة يونيسف الجمعة أسفها لموت طفل الخميس في مضايا أمام أعين مندوبيها الذين كانوا في عداد بعثة الأممالمتحدة الى البلدة. وقالت ممثلة المنظمة في سورية هناء سنجر: «ببساطة من غير الممكن قبول حدوث كل هذا في القرن الواحد والعشرين». وأفادت في بيان «تعبّر اليونيسيف بشكل خاص عن الحزن والصدمة إذ شهدت على وفاة علي، وهو طفل في السادسة عشرة من عمره كان يعاني من سوء تغذية حاد». وقالت: «لفظ أنفاسه الأخيرة أمام أعيننا». وأشارت منظمة «أطباء بلا حدود» قبل نحو أسبوع الى ان 28 شخصاً توفوا جوعاً في مضايا منذ الأول من كانون الأول (ديسمبر). وذكرت منظمة يونيسف أن الفحوصات التي أجراها فريق منها ومن منظمة الصحة العالمية «أظهرت علامات سوء التغذية المتوسطة والحادة على 22 طفلاً» من بين 25 تم فحصهم. كما ظهرت على ستة من أصل عشرة أطفال وفتيان آخرين تتراوح أعمارهم بين ستة أعوام و18 عاماً تم فحصهم «علامات سوء التغذية الحاد»، وبينهم فتى (17 سنة) في «حالة تجعل حياته مهددة، وهو بحاجة ماسة الى الإجلاء الطبي الفوري». وتحدثت منظمة يونيسف عن امرأة حامل في شهرها التاسع «تعاني من عسر في الولادة وفي حاجة ماسة إلى الإجلاء الطبي الفوري». وعملت طواقم طبية تابعة ليونيسف ومنظمة الصحة العالمية على تدريب طواقم صحية في مضايا على طرق وبروتوكولات علاج سوء التغذية الحاد وإقامة مركز علاج متخصص. وأعلنت الأممالمتحدة الإثنين ان نحو 400 شخص يعانون من سوء التغذية و «مشاكل طبية» أخرى «مهددون بالموت» في مضايا و «في حاجة الى الإجلاء لتلقي رعاية صحية ملحة». وتؤوي مضايا نحو 42 الف شخص بينهم 20 الف طفل، ويعمل طبيبان فقط في البلدة، وفق الأممالمتحدة. ولم يحصل الأطفال الصغار في مضايا على التلقيح ضد شلل الأطفال أو الحصبة أو الأمراض الأخرى منذ نحو عشرة أشهر. وتشكل مضايا مع الزبداني المجاورة والفوعة وكفريا في شمال غربي البلاد المحاصرتين من الفصائل المقاتلة، أربع مناطق تم التوصل فيها الى اتفاق في أيلول (سبتمبر) بين الحكومة السورية والفصائل المعارضة. وينص الاتفاق الذي تم برعاية الاممالمتحدة على وقف لإطلاق النار وإيصال المساعدات وإجلاء الجرحى والمقاتلين ويتم تنفيذه على مراحل. وانتقدت منظمة يونيسف «وجود 14 «مضايا» أخرى في سورية»، في إشارة الى المناطق التي «تستخدم فيها أطراف النزاع المختلفة الحصار كخطة وتكتيك حربي». وكررت سنجر دعوة «جميع أطراف النزاع إلى رفع الحصار عن المجتمعات المحلية في سورية ومنح الفرق الإنسانية إمكانية الوصول دون عوائق أو شروط او قيود (...) من أجل تقديم الرعاية الطبية والغذائية العلاجية والإجلاء الطبي الفوري للحالات الحرجة لدى النساء والاطفال». ومن المقرر دخول فرق طبية جديدة الى مضايا الأحد. وقالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر أنها تعتزم العودة الأحد إلى البلدة لتسليم كميات من الوقود. على المستوى الدولي، تستمر الدعوات لرفع الحصار عن مضايا قبل نحو أسبوعين من الموعد المحدد لانطلاق جولة التفاوض بين ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة في جنيف بحثاً عن تسوية سياسية. وطلبت باريس وواشنطن ولندن الخميس عقد اجتماع عاجل لمجلس الامن الدولي لبحث هذا الموضوع، فيما اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الخميس ان «استخدام التجويع سلاحاً حربياً يشكّل جريمة حرب»، مضيفاً أن الطرفين (الحكومة والمعارضة) «يصبحان مسؤولين عن ذلك وعن فظاعات أخرى تحظرها القوانين الانسانية الدولية». وتحدث بان عن أولوياته للعام الحالي في مؤتمر صحافي مشيراً الى ضرورة «محاسبة كل الأطراف المرتكبين لهذه الجرائم في سورية» دون أن يحدد آلية لذلك. وألمح الى ضرورة التوصل الى رفع الحصار عن المناطق المحاصرة في سورية «قبل انطلاق جولة المحادثات السياسية المقبلة» في 25 الشهر الجاري. وقال إن هدف المفاوضات هو «إنقاذ الأرواح، وأي إجراءات تصب في هذا الإطار قبل انطلاق المفاوضات السياسية ستكون جيدة، للتفرغ للمفاوضات السياسية» حين انعقادها في جنيف بعد 10 أيام. وأشار إلى أنه بحث هذا الأمر مع مبعوثه الخاص ستيفان دي ميستورا «من ضمن بحث إجراءات بناء الثقة». وقال إن على كل الأطراف في النزاع في سورية رفع القيود عن مرور المساعدات الإنسانية الى كل المناطق المحاصرة التي تضم نحو 400 ألف سوري. واعتبر أن «استخدام الطعام سلاحاً للحرب هو جريمة حرب وكل الأطراف بمن فيهم الحكومة السورية التي تتحمل المسؤولية الرئيسية عن حماية السوريين، يرتكبون هذه الجريمة وأفعالاً أخرى محظورة بموجب القانون الدولي الإنساني». وحين سئل عما إن كان سيطرح آلية للمحاسبة قال: «هذا الأمر أتركه لأعضاء مجلس الأمن ليقرروا الإجراءات المناسبة في شأنه». وقال إن «المتقاتلين أظهروا تجاهلاً كاملاً لسكان مضايا، وأن نحو 400 منهم، رجالاً ونساء وأطفالاً، كانوا في وضع مأسوي بسبب سوء التغذية، ومهددون بالموت وهم بحاجة الى رعاية عاجلة وربما الإجلاء». وشدد بان على ضرورة التوصل إلى حل لكل المحاصرين في سورية وعددهم يتجاوز 400 ألف، بينهم 180 ألفاً محاصرون من الحكومة ونحو 12 ألفاً تحاصرهم المجموعات المعارضة، و200 ألف محاصرون من جانب داعش». كما قال إن هناك حاجة عاجلة الى إنهاء القصف العشوائي الجوي والبري من كل الأطراف. وزاد أن «كل من تلاعب بحياة الناس وكرامتهم في سورية يجب أن يخضع للمحاسبة، كما أن على الرعاة الإقليميين والدوليين للأطراف المتقاتلين في سورية أن يقدموا الكثير من الإجابات حول ذلك». وأكد ضرورة عدم السماح «للتوتر الإقليمي بالتأثير على تصميمنا على إنهاء هذه الحرب».