بينما أعلنت الداخلية الألمانية التحقيق بشأن 31 شخصاً بينهم 18 طالب لجوء على ذمة قضية الاعتداءات الجنسية والسرقات في مدينة كولونيا؛ تجدَّد الجدل حول سياسة برلين في استقبال المهاجرين، واضطرت الحكومة إلى دراسة التشدد في إجراءات الترحيل. وتحدث الناطق باسم وزارة الداخلية عن «بدء الشرطة الفيدرالية التحقيق بشأن 31 شخصاً عددٌ كبيرٌ منهم من أصول شرق أوسطية وشمال إفريقية» للاشتباه في ارتكابهم أعمال عنف وسرقة ليلة رأس السنة في ناحية رينان التابعة لكولونيا غربي البلاد،وبين هؤلاء 18 من طالبي اللجوء. وعرَّف الناطق الأمني المشتبهين على أنهم ألمانيَّان و9 جزائريين و8 مغاربة و4 سوريين و5 إيرانيين وعراقي وصربي وأمريكي. ولا يزال الغموض يُخيِّم على مجريات التحقيق، إذ لم تتحدث «الداخلية» عن مشتبه بهم في الاعتداءات الجنسية تحديداً ولا عن توقيف أي شخص. في حين تحدثت شرطة كولونيا عن «120 شكوى تتعلق في ثلاثة أرباعها باعتداءات جنسية» وعن «16 شخصاً مشتبها بهم». وبسبب التكتم على المعلومات؛ يستحيل معرفة إن كان المشتبه بهم ال 16 ضمن العدد الذي تحدثت عنه الوزارة أم يُفترَض إضافتهم إليه. وأفادت شرطة كولونيا أمس بتوقيفها نشَّالَين بعمر 16 و23 عاماً وتعود أصولهما إلى تونس والمغرب في المساء الذي وقعت فيه الأحداث و«بحوزتهما هواتف محمولة سُجِّلَت عليها مشاهد اعتداءات جنسية». ويدور نقاشٌ بين الألمان حول وجود لاجئين بين مرتكبي أعمال العنف والسرقة، بعدما استقبلت البلاد العام الماضي 1.1 مليون مهاجر تثير إقامتهم قلقاً متنامياً لدى قسمٍ من الرأي العام. ودعا زعيم كتلة نواب الحزب الاشتراكي الديمقراطي في البرلمان، توماس أوبرمان، إلى «تقليص هذه الأعداد إلى حد كبير، إذ لا يمكننا استقبال مليون لاجئ كل سنة». لكن الناطق باسم المستشارية، جورج ستريتر، طالب كما فعل مسؤولون آخرون منذ الكشف عن الاعتداءات الثلاثاء ب «عدم الخلط بين الأمور». ولاحظ ستريتر، في تصريحاتٍ أمس، أن «الأمر لا يتعلق بالدرجة الأولى بمشكلة لاجئين وإنما بمشكلة إجرام»، مُذكِّراً ب «معاناة اللاجئين الوافدين الكثير ومجيئهم طلباً للحماية». في الوقت نفسه؛ يسعى السياسيون المحافظون والاشتراكيون الديمقراطيون الذين يحكمون معاً في برلين إلى توجيه رسالة حازمة تتعلق بأسس العيش المشترك لا سيما حيال من ينتهكون القانون. وعليه؛ يتصاعد الجدل بشأن تسريع إجراءات الترحيل وجعلها أكثر فعالية بحق المخالفين. وشدد زعيم الكتلة النيابية للمسيحيين الديمقراطيين، فولكر كودر، على «الحاجة إلى مزيد من الشرطيين وإلى تحسين أدوات القضاء وتشديد القوانين حتى نتمكن من ترحيل الأجانب المجرمين». وأبدت المستشارة، أنغيلا ميركل، استعدادها للتأكد «من أنه تم القيام بكل ما يلزم بشأن إجراءات الترحيل لتوجيه رسالة واضحة لكل من لا يرغب في باحترام قوانيننا». وأكد كودر زميل المستشارة في «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» رغبة المواطنين في مغادرة كل من لا يحق لهم البقاء، في حين يعقد الحزب اجتماعاً خلال يومين في ماينس (جنوب غرب) يُتوقَّع أن يتبنَّى خلاله توصياتٍ تطالب بتشديد الإجراءات القضائية. ويذهب الحزب الاشتراكي الديمقراطي في نفس الاتجاه بعدما كان يبدي تحفظاً إزاء تشديد إجراءات الترحيل. وأبلغ رئيسه، سيغمار غابرييل، صحيفة «بيلد» المحلية قائلاً «علينا أن ندرس كل الإمكانات المتاحة بموجب القانون الدولي حتى نتمكن من ترحيل طالبي اللجوء المجرمين إلى بلادهم». ويفرض القانون الألماني حالياً الحكم على طالب اللجوء بعقوبة سجن ل 3 سنوات على الأقل للسماح بترحيله خلال فترة دراسة ملفِّه، مع اشتراط ألا تكون حياته أو صحته مهددتين في بلده الأصلي. في سياقٍ متصل؛ كشف مصدر في حكومة ولاية نورد راين فستفاليا عن إعفاء قائد الشرطة في كولونيا من منصبه إثر تعرضه لانتقادات لطريقة تعامله مع الاشتباكات في ليلة رأس السنة. وأوضح المصدر أن وزير الداخلية في حكومة الولاية، رالف جيجر، أبلغ قائد الشرطة، فولفجانج ألبرز (60 عاماً)، بأنه سيُحال إلى تقاعد مبكر. وصدر إعلان رسمي بهذا الشأن في وقتٍ لاحق. وكانت الشرطة أقرَّت بأن ما يَقرُب من ألف رجل يتحدرون من أصول أجنبية تعرضوا بالاعتداء والتهديد والتحرش لنساء في وسط المدينة. وتسببت الاعتداءات في زيادة الضغوط على الشرطة المحلية وحكومة الولاية والمستشارية. في هذه الأثناء؛ دعا رئيس الحكومة السلوفاكية، روبرت فيكو، إلى عقد قمة استثنائية للاتحاد الأوروبي إثر أعمال العنف الأخيرة في ألمانيا. ورأى المسؤول السلوفاكي، في مؤتمر صحافي أمس، أنه «سيكون من الضروري الدعوة إلى قمة استثنائية»، مشدِّداً «لا بد من تعديل الموعد الذي اتفقنا عليه مؤخراً، لأننا لا نستطيع الانتظار حتى الخريف في ضوء الأحداث التي وقعت في كولونيا».