سأبدأ بهذا الدعاء بمناسبة إعلان ميزانية الخير والنماء «جعلها الله ميزانية خير وبركة وعمَّ بها أرجاء البلاد والعباد»، ويا رب نهنأ فيها جميعاً «ليست لواحد ولا اثنين أو لمنطقة دون أخرى»، فرحنا بها كثيراً حتى نرى المشاريع المتعثرة من سنوات وقد دبّت فيها الحياة، خاصة مدن الملك عبدالله -رحمه الله- الطبية، التي تسير ببطء شديد وتأخر عجيب لم أجد له تفسيراً إلا الفساد، والإسكان الذي ضاع في الزحمة ولم يعد يتصدر المشهد رغم أهميته للمواطنين! ميزانية مختلفة في عصر مختلف في ظروف استثنائية، ولعلي أطلق عليها أنها ميزانية طوارئ.. ميزانية أزمة، لأنها جاءت في عصر الأزمات الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تعصف بالعالم العربي ومع ذلك أتت قوية متخمة تسر الناظرين والسامعين والقارئين، أي نعم في عجز 326.2 مليار ريال، وفي زيادة في تعرفة البنزين والماء والكهرباء الأساسيات. بنسبة لا تكاد تذكر، لكن فيها جوانب مفرحة مثل مخصصات الأمن والدفاع، نحن أفضل من غيرنا مائة مرة، والله لا يغير علينا، ميزانية كلاكيت ثمانين مرة مفرحة لكل مواطن، التعليم يتصدر كالعادة أول اهتمامات القيادة، وهو ما جعل المواطن يستبشر خيراً بتعليم متطور وليس كتاتيب وتواضع وطيبة مفتعلة من معلمين في عالم افتراضي! المواطن الذي أصبح يعي كل صغيرة وكبيرة بدءاً بالسياسة وليس انتهاءً بالاقتصاد والبورصة، كل شيء، ما يهمه أن يطمئن على معيشته وسكنه وأمنه ومستقبل أولاده وتعليمهم، وأن يجد سريراً في أي مستشفى يقصده ومسجداً يصلي فيه بأمان.. هذا كل ما يهم المواطن، أما لغة الأرقام فلا تعنيه كثيراً! المواطن لا يريد أن يكون غنياً جداً ولا فقيراً جداً، يكفيه الزاد والمؤونة وهو مقتنع بذلك ولا يريد أن يقارن أو يزايد على أحد في معيشته إن أعطيَ رضي وإن حُرم سكت واحتسب الأجر. يا سادة، نحمد الله، ميزانية كل عام مدهشة، يحسدنا عليها الحساد، وتخيلوا، ميزانية وأمن وأمان وإسلام.. ويا سلام، كل ذلك ومن حولنا الحروب الطاحنة ونحن أيضاً نقود عاصفة الحزم وإحياء الأمل في اليمن التعيس، ومع ذلك الحياة تسير بشكل طبيعي كأننا لم نحارب بالأمس، وتأتي الميزانية تحمل نقلة نوعية تجعلنا نتوحد، نؤمن بأن كل شيء يهون في سبيل الوطن، من أجل أن يبقى فوق هام السحب، حقاً، ليست ميزانية عجز بل ميزانية عز، وكل عام وأنتم والوطن بخير وأمن وسلام.