ربَّما تواجه القوات العراقية معركةً كبيرةً قرب بغداد، قبل أن يكون باستطاعتها محاولة استعادة الموصل من تنظيم «داعش» الإرهابي. ويتعلق الأمر بالفلوجة التي يتحصَّن بها متطرفون منذ فترةٍ طويلةٍ. وحتى الآن؛ تتعامل حكومة حيدر العبادي، والتحالف الدولي الداعم لها بحذرٍ مع الخطط الخاصة بهذه المدينة الواقعة بين العاصمة والرمادي، التي استعادها الجيش هذا الأسبوع. والفلوجة أول مدينةٍ عراقية تسقط في قبضة «داعش». وقع ذلك في يناير من عام 2014 قبل 6 أشهر من سيطرة التنظيم على مساحاتٍ من العراق وسوريا. وفي كلمة إعلان الانتصار في الرمادي الإثنين الماضي؛ حدَّد العبادي الموصل هدفاً تالياً للجيش. واعتبر أن استعادة هذه المدينة الواقعة في شمال العراق ستُمثِّل نهاية «الخلافة» المزعومة، التي أُعلِنَت من مسجدها الرئيس في يونيو 2014. لكن مع استمرار سيطرة «داعش» على مناطق أخرى في الغرب والشمال؛ لم توضح السلطات أي طريقٍ ستسلك لاستعادة المدينة، التي تبعد 400 كيلومتر إلى الشمال من العاصمة. وفي مقابلةٍ مع تليفزيون «الحدث»؛ رأى الأمين العام لوزارة البشمركة (قوات حكومة إقليم كردستان)، جبار الياور، أن «على الحكومة استعادة الفلوجة قبل الموصل». ويَرِدُ في البيانات العسكرية اليومية تنفيذُ الجيش والتحالف ضرباتٍ جويةٍ وهجماتٍ في الفلوجة، التي تقع على بعد 70 كيلومتراً إلى الغرب من العاصمة، وكان يقطنها 300 ألف نسمة قبل الحرب. لكن لا توجد مؤشراتٌ على اعتزام الحكومة خوض معركةٍ لاستعادة المدينة أو متى قد يحدث ذلك، فيما يقدِّر مُحلِّلٌ عدد مقاتلي «داعش» الموجودين داخلها بحوالي 1000.وأشار المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، العميد يحيى رسول، إلى «وجود تخطيط ورؤية عسكرية»، مؤكِّداً «في حال انطلاق معركةٍ لتحرير مركز مدينة الفلوجة أو الفلوجة أو باتجاه أي منطقة أخرى؛ نعلن بشكلٍ رسمي».و»يعكف العراقيون على وضع خطط لما سيفعلونه بعد استعادة الرمادي»، بحسب ضابط المخابرات في التحالف الدولي، الكابتن تشانس مكرو. وأبلغ مكرو الصحفيين في بغداد أمس الأول بقوله «لن أقول لكم متى سيُخرجونهم من هناك (الفلوجة)، لكن سيخرجونهم من كل العراق، إذا كانوا في العراق فسيتم طردهم في نهاية المطاف». بدوره؛ يشير المحلل القريب من الحكومة، هشام الهاشمي إلى «نحو ثلاثة آلاف أسرة لا تزال في الفلوجة ويمكن أن تُستخدَم كدروع بشرية». ويلاحظ الضابط مكرو أن الفلوجة التي تقع في وادي نهر الفرات، مُطوَّقةٌ بواسطة فوج قوة الرد السريع الأول والفرقتين السادسة والسابعة في الجيش العراقي، و«إن كان بعض المتشددين يتمكنون من التسلل رغم الطوق الذي يفرضه الجيش». وتُعرَف المدينة ب «أم المساجد»، ولَحِقَت بها أضرارٌ بالغةٌ في هجومين للقوات الأمريكية على عناصر تنظيم القاعدة في 2004. وساعدت عشائر الأنبار على تحويل دفة الأمور حين بلغ عنف المتشددين ذروته في عام 2006، إذ تكاتفت واشتركت مع القوات الأمريكية في هدفٍ واحد وهو هزيمة «القاعدة». ويتحدث مسؤولون محليون عن توتُّر بين سكان وعشائر الفلوجة من جهة والمتطرفين من جهة ثانية، وصولاً إلى اندلاع اشتباكات بعد هزيمة «داعش» في الرمادي، ما أضعف الروح المعنوية لعناصره. ولم يتسن التحقق من هذه التقارير من مصدر مستقل. وقال عضو مجلس المدينة، إبراهيم الفهداوي «بعد فرار بعض مقاتلي داعش من الرمادي إلى الفلوجة تصاعدت مخاوف سكانِّها باقتراب هجوم القوات الحكومية على مدينتهم، وهو ما دفع كثيراً من العائلات إلى محاولة المغادرة». وأفاد الفهداوي، في مكالمةٍ عبر الهاتف، ب «قيام عناصر من التنظيم بالتهديد بإعدام أي شخص يحاول المغادرة، ما ولَّد مشادة تطورت إلى اشتباكات بين الأهالي والمتطرفين الذين هم أغلبهم من الأجانب».