سيطرت مكافحة الإرهاب على مناقشات رؤساء المجالس التشريعية الخليجية خلال اجتماعهم الدوري ال 9 أمس في الرياض؛ إذ شدَّدوا على وقوفهم صفاً واحداً ضد أي تهديدٍ يمسُّ دولةً من مجلس التعاون، وقرَّروا اختيار «مكافحة ومحاربة جريمة الإرهاب والمنظمات الإرهابية» موضوعاً خليجياً مشتركاً لعام 2016. وأدان المجتمِعون الأعمال الإرهابية التي تستهدف بعض دول الخليج العربي. وعبَّروا عن شجبهم لكل ما من شأنه المساس بأمن وسيادة دولهم، مشدِّدين على رفضهم واستنكارهم لاستهدف المواطنين الآمنين ورجال الأمن الساهرين على حماية الأرواح والممتلكات، ومنوِّهين بتضحيات وبسالة الأجهزة الأمنية واحترافيتها العالية في أداء واجباتها. في الوقت نفسه؛ أعلنوا تضامنهم الكامل مع دول مجلس التعاون فيما تتَّخذه من إجراءات تستهدف مواجهة الإرهاب والقضاء عليه. وأبدوا الثقة في عزم الجهات المعنيَّة في دولهم على الوقوف بحزمٍ ضدَّ الأعمال الإجرامية وبذل الجهود الكبيرة للحفاظ على الأمن والاستقرار. وكان رؤساء المجالس التشريعية عقدوا صباح أمس اجتماعهم في الرياض تلبيةً لدعوةٍ من رئيس مجلس الشورى السعودي، الدكتور عبدالله آل الشيخ. ورفع المجتمعون شكرهم وتقديرهم إلى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، على استضافة المملكة هذا الاجتماع، وما أحيطوا به من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وطيب الإقامة وحسن الإعداد والتنظيم، مما أسهم في نجاح لقائهم وخروجه بقرارات ونتائج إيجابية تعزِّز آفاق التعاون المشترك بين المجالس التشريعية الخليجية. وأصدر المجتمعون عدداً من القرارات، منها تكليف اللجنة البرلمانية الخليجية في المجال التشريعي بدراسة القوانين والأنظمة الاسترشادية المتمثِّلة في قانون النظام الاسترشادي المُوحَّد للوكالات التجارية، وقانون نظام الشركات التجارية الاسترشادي المُوحَّد، والقواعد الموحَّدة لتشجيع قيام المشاريع الصناعية الخليجية في دول مجلس التعاون. وقرروا أيضاً اعتماد خطة عمل اللجنة البرلمانية الخليجية المعنيَّة بتعزيز العلاقات مع البرلمان الأوروبي لعام 2016، ووافقوا من حيث المبدأ على التعاون مع برلمانات دول أمريكا اللاتينية، وأكدوا في شأنٍ آخر أهمية تفعيل الشبكة المعلوماتية البرلمانية الخليجية لتحقيق الاستفادة المرجوة من إنشائها. وشدَّد رئيس مجلس الشورى، الدكتور عبدالله آل الشيخ، على أهمية الاجتماعات الدورية الخليجية التي تعزِّز الجهود المشتركة، وتدعم أواصر التنسيق وصولاً إلى ما يصبو إليه قادة دول مجلس التعاون وشعوبها من رفعة ونماء ومحافظة على الأمن والاستقرار. ونبَّه آل الشيخ، في كلمته خلال الاجتماع، إلى وجوب إسهام الدبلوماسية البرلمانية في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي جنباً إلى جنب مع الجهود السياسية القائمة. واعتبر أن «ما تشهده الساحة الفلسطينية، وما يتعرض له المسجد الأقصى من اقتحامات وانتهاكات، وما وقع في اليمن من سلبٍ للشرعية وإثارةٍ للفتنة والفوضى، وما يجري في سوريا والعراق، وكذا ما يقع من أحداث إرهابية في مواقع مختلفة في منطقتنا والعالم؛ لهي أمور تدفع الدبلوماسية البرلمانية إلى ضرورة الإسهام والسعي نحو المعالجة جنباً إلى جنب مع الجهود السياسية القائمة من أجل تعزيز الاستقرار والأمن في المحيطين الإقليمي والدولي». ووصفت رئيسة المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، أمل القبيسي، اجتماع رؤساء المجالس التشريعية الخليجية ب «قمة الهرم البرلماني لمجالسنا». ورأت، في كلمتها، أن «مقتضيات الظروف الراهنة المحيطة بدول مجلس التعاون، سواءً كانت إرهاباً متطرفاً أو انتهاكاً لمبدأ السيادة الداخلية للدول ومبدأ الشرعية، والتحديات التي تواجهها شعوبنا والطموحات المأمولة لحكوماتنا؛ ترسِّخ من كيان هذا الاجتماع». وأكدت تأييدها الكامل بوصفها رئيساً للمجلس الوطني الاتحادي في بلادها للقيادة الخليجية في قرار «عاصفة الحزم» و»إعادة الأمل» في اليمن، وقالت «جميعنا في هذا الاجتماع كممثلين لشعوبنا؛ نقف خلف قياداتنا وتوجُّهِهِم الحازم الحكيم لحماية دولنا ومكتسباتنا، ومواجهة الإرهاب وترسيخ الأمن». بدوره؛ لفت رئيس مجلس الشورى القطري، محمد بن مبارك الخليفي، إلى مواجهة دول مجلس التعاون حالياً أوضاعاً اقتصادية صعبة بسبب تدنِّي أسعار النفط، لكنه أبدى ثقته التامة بأن «قادتنا أصحاب الجلالة والسمو سيعملون ما في وسعهم للحد من آثار هذا الانخفاض على اقتصاديات بلداننا». سياسياً؛ أشاد رئيس «الشورى» القطري، في كلمته، بعمليتي «عاصفة الحزم» و»إعادة الأمل» بقيادة المملكة، وقال إنهما جاءتا انتصاراً للحق والشرعية في اليمن وصولاً إلى إعادة الأمن والاستقرار في ربوعه والدفاع عن أمن وسلامة واستقرار دول الخليج العربي. ورأى الخليفي أن الظروف التي تعيشها الأمة العربية تتطلب مواصلة الجهود للحفاظ على مقدرات ومكتسبات دولنا وشعوبنا، مُندِّداً بظاهرة الإرهاب «التي عانت معظم الدول من آثارها الوخيمة، وتولَّدت عنها أحداثٌ مؤسفةٌ تتطلب أن يتصدى لها الجميع بكافة أشكالها وصورها بحيث تُبذَل كل الجهود اللازمة لاستئصالها وتجفيف منابعها». من جهته؛ أكد رئيس مجلس النواب البحريني، أحمد بن إبراهيم الملا، أنه كان لزاماً على دول مجلس التعاون أن تتخذ من الحزم والعزم عنواناً لقراراتها ومواقفها بما يتناسب وحجم المخاطر التي تتعرض لها، مشدِّداً على تأييد الجميع عمليتي «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» لإعادة الشرعية إلى الجمهورية اليمنية والقضاء على الإرهاب. ولاحظ في كلمته أن «اجتماعنا اليوم ينعقد في ظل ظروف دولية وإقليمية بالغة الخطورة؛ تتعرض فيها منطقتنا ودولنا خصوصاً إلى مؤامرات كثيرة تستهدف أمنها واستقرارها وإنجازاتها الوطنية والحضارية». وعدَّ الإرهاب من أكبر الأخطار التي تواجه العالم أجمع في الوقت الراهن «بما في ذلك دولنا»، مبيِّناً أن مواجهته بكافة الوسائل مسؤولية الجميع. وأشار الملا إلى إيران دون تسميتها، قائلاً «ومع ذلك فإنه ومع الأسف أصبح هذا الخطر (الإرهاب) أداة تستخدمها بعض الدول في المنطقة لتحقيق مآربها وأهدافها التوسعية». وبيَّن أن التدخلات الخارجية والأعمال الإرهابية لن تعيق البحرين، بقيادة قائد المشروع الإصلاحي الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عن مواصلة مسيرة التنمية وتعزيز الوحدة الوطنية منذ إقرارها ميثاق العمل الوطني الذي حاز الإجماع الشعبي، لافتاً إلى ارتباط مستقبل بلاده بانتمائها الخليجي والعربي، عاداً ذلك الانتماء عمقاً استراتيجياً للجميع. إلى ذلك؛ تحدَّث الملا عن أهمية توحيد آلية التعامل مع التقارير الصادرة عن الجهات الدولية والمنظمات الحقوقية بشأن دول مجلس التعاون. ولاحظ أن جريمة الإرهاب ليست التحدي الوحيد الذي تواجهه دول المجلس وشعوبها «فهنالك التحديات الاقتصادية التي ألقت بظلالها على جميع دول العالم؛ حيث أثَّر الانخفاض الحاد في أسعار النفط في السوق العالمية بشكل واضح على إيرادات الدول المصدِّرة للنفط، ومنها دول الخليج العربية»، مشيراً إلى ضرورة بذل مزيد من الخطوات والإجراءات المشتركة المعزِّزة «لما حققناه من إنجازات اقتصادية وحضارية طيلة السنوات الماضية».