لن ننكر ولن نتجاهل أن المناهج والممنهجين كانوا طيلة العقود الماضية من أساسيات غلو الشباب وتطرفهم وتشددهم سواء في مدارس التعليم العام أو العالي أو في الوظائف والشللية التي كانت تدار بها اجتماعات من سموا أنفسهم «الملتزمين « أو جماعات المتأزمين التي خرجت أجيالا دموية في ظل عدم وجود خطاب موضوعي حينها ووقع ما وقع من نكران وخذلان للشباب ضد دينهم ووطنهم ..منذ سنوات تعدل الخطاب الديني وانعدل المنهج التربوي وتنبه المجتمع لزمرة الأولين والآخرين ممن تسلموا زمام الوصاية وكانوا سببا في سقاية جذور الإرهاب ..الآن وبعد سنوات على آلام الإرهاب اللعين ولعنة التشدد والتزمت تغير الحال رغم وجود أطناب الالتزام وزبانية التطرف إلا أننا قادرون ومقتدرون على التعاون والاتحاد مع الدولة في منهجها المنفرد في مواجهة الإرهاب ما أود قوله بعد التجربة المريرة المرة مع النشء إن للتعليم ومناهجه دور فاعل وأساسي فمن المدارس تتشكل العقول وتتبلور التوجهات ومن المنهج تنشأ إيحاءات السلوك الإنساني لأن الطالب يقضي من عمره 12 عاما على مقاعد مدارس التعليم العام .وفي نظرة شمولية وتفصيلية لمناهج التعليم لدينا على مدار الثلاثين عاما الماضية فإن المناهج باهتة يتم تجميلها من عام إلى آخر دون الالتفات للمناهج التي يجب أن تؤسس لمواجهة الأفكار المتطرفة. في التعليم العام لدينا مناهج بحاجة إلى إعادة نظر وإلى تغيير ناهيك عن استحداث أبواب جديدة في بعض المناهج ولعل أكثر منهج نحتاجه حاليا هو منهج لتعميق روح المواطنة في نفوس النشء وتعليمهم وتربيتهم على مفهوم المواطنة الحقة وتعريفهم بالتحديات التي تواجه الوطن وتفصيل عن هذا المفهوم وكيف نوظفه وما مقوماته وكيف يبرع الطالب فيه وكيف يكون حب الوطن وأقترح أن يكون منهجا باسم «علم النفس الوطني» يدرس في المرحلتين المتوسطة والثانوية وتوضع له لجان متخصصة لإقرار أبوابه وقد اخترت علم النفس الوطني لأن المواطنة لم ولن تكون منهجا يلقن وإنما هي ارتباط بين المنهج والأغوار النفسية للطالب والتحليل السيكولوجي لارتباط الطالب مع الوطن من خلال الأعماق النفسية بحيث ننشئ أجيالا تتقن فن الإبداع والابتكار حول ارتباطهم بالوطن قيادة وكيانا وأرضا ومقدرات شعب متحد يعي بأهمية دوره. علم النفس الوطني هو منهج وليد ومبتكر ولكنه حتما سيخلق لنا أجيالا متطورة نفسيا في ربط الذات بالأرض التي يعيش فيها الشخص وسينمي لدى الطلاب من خلال دراسته شعور الأمن والأمان الذي يوفره الوطن وقيادته الأمر الذي يندرج تحت علم النفس فقط لا أن يكون منهجا صامتا صامدا عن طريق الحشو بالمعلومات الثابتة دون أن يكون المنهج رابطا بين علم النفس والوطن من حيث دراسة انعكاسات حب الوطن على الطلاب ووجود الوطن ككيان كبير يحمل في طياته معاني الاستقرار التي تمثل جبهة نفسية ضد متغيرات وظروف الحياة وبالتالي يتيقن الطالب أن خروجه وانضمامه لتيارات أو تنظيمات ضد الوطن يعني هدم استقراره النفسي والحيادية. وجود هذا المنهج وتعليمه من خلال ربط الوطن بالبيئة السليمة المتعدلة التي توظف قيم الدين على ثوابتها وأن أي غلو وفق دوافع معادية تعكس تعرض الإنسان لخلل في التوازن النفسي مما يجعله خارج أسوار الأمان بمجرد تعديه على ثوابت ودعائم تشربها وهو في وطنه وعلى مقاعد الدراسة وإيضاح النتائج السلبية والخسارة النفسية العظمى جراء خروج أي مواطن عن تلك الثوابت. أيضا يجب أن يوظف المنهج أهمية ارتباط الشعب مع قيادته ورصد النواحي النفسية والمعنوية في روح هذه الارتباط والتعاضد من ناحية نفسية ترسم بيئة فريدة من تحقيق الحقوق والأمن النفسي للأفراد والمجتمع تحت مظلة قيادة عادلة تنهج نهجا شرعيا قويما من القرآن والسنة وتنتهج مبادئ وأسسا جعلت السعودية تعتلي وتتصدر المشاهد في كل المجالات مما ينعكس على إنسان هذا الوطن ويلمس ويعيش هذه الفوائد والإيجابيات النفسية حاضرا ومستقبلا. وجود مثل هذا المنهج سيسهم في ربط المواطنة بأعماق أنفس الطلاب والطالبات وينمي فيهم هذه الروح وسينتج لنا جيلا صافيا من التلقين الخاطئ ومن التشدد متصافيا مع ذاته ووطنه متى ما تم وضع المنهج بواسطة خبراء ومختصين على أن تقوم وزارة التعليم من سباتها المستديم لتتدارك أهمية تصفية عقول الطلاب والطالبات في مدارس التعليم العام من شوائب الغلو وتأهيلهم بالإطارين التعليمي والتطبيقي في حب الوطن وربط هذا المفهوم الكبير بالنواحي النفسية لديهم وتهيئة منهج احترافي يغني كثيرا عن مئات المحاضرات الجائلة في المدارس عن التطرف والمواطنة لأنها مؤقتة وهي جزء من الحشو غير المجدي كما يمارس مع الطلاب في مناهجهم ولكن خروج منهج خاص لعلم النفس الوطني من شأنه أن يخرج لنا أجيالا نقية منتقاة تحب الوطن ويتعمق فيها وتتعمق فيه وفق الأسس النفسية ومع منظومة منهجية تعكس الوطن ومآثره وآثاره في نفس كل من يعيش عليه .الاقتراح أمامكم وزير التعليم وأمام كل صاحب صلاحية في هذا الوطن والدعاء يسبقني والرجاء يعقبني أن يدرس جيدا وأن يتم توظيفه لمصلحة وطني ومواطنيه.