يواجه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مقاومة من داخل صفوف حزبه من أجل الحفاظ على التأييد لإصلاحات سياسية يقول إنها ذات أهمية بالغة لمساعيه في التصدي لمتشددي تنظيم داعش. وفي محاولة لاستعادة الزخم بعد أن منع البرلمان في الأسبوع الماضي حكومته من إقرار أي إصلاحات مهمة دون موافقة النواب تواصل العبادي خلال مطلع الأسبوع مع المؤسسة الدينية الشيعية التي تتمتع بنفوذ كبير في العراق وسبق أن أيدت حملته لمكافحة الفساد. لكنه عاد من لقاءات مع كبار رجال الدين في مدينة النجف دون أن يفوز بدعم جديد، الأمر الذي يثير احتمال أن يواجه مزيداً من العزلة في الوقت الذي يسعى فيه لدرء خطر اقتراع النواب المستائين على سحب الثقة منه. وتجدر الإشارة إلى أن العبادي لم يقابل خلال زيارته للنجف أرفع المراجع الشيعية علي السيستاني. وكان السيستاني ومراجع دينية أخرى أيدوا العبادي لكن يبدو أن صبر المراجع بدأ ينفد لبطء وتيرة الإصلاح. وقال المحلل السياسي أحمد يونس في بغداد مستشهداً بالضغوط من جانب البرلمان والرأي العام والمراجع الشيعية «هو كمن يسير وسط حقل ألغام. هو الآن ملزم بالعمل بطريقة ترضي جميع الأطراف». وأيد أصحاب النفوذ في العراق ومن بينهم المؤسسة الدينية الشيعية العبادي عندما تولى رئاسة الوزراء بعد أن اتضح أن بوسعه تحقيق توافق وأمامه فرصة لرأب الخلافات السياسية والطائفية. وأكبر تحد يواجهه العبادي هو إصلاح المؤسسة العسكرية العراقية التي اشتهرت بتفشي الفساد فيها وكادت تنهار أمام زحف تنظيم داعش إلى جانب إصلاح الجهاز الحكومي الضعيف. وبتشجيع من الاحتجاجات الشعبية في بغداد وغيرها من المدن ودعوة من السيستاني للعمل بدأ العبادي وحده حملة إصلاح في أغسطس. وأبدى السيستاني أيضاً استياءه للتأخر في تطبيق الإصلاحات وطالب العبادي باتخاذ خطوات أكثر جرأة في مواجهة المعارضة. وقال النائب سامي العسكري من ائتلاف دولة القانون الحاكم عن رحلة النجف «كانت نكسة. أنا واثق أن العبادي عاد منها غير راض لأنه لو استطاع أن يقابل السيستاني لساعد ذلك على تحقيق توازن مع كل حركة في البرلمان». وقال متحدث باسم العبادي إن أحداً لم يقدم طلباً لعقد مثل هذا اللقاء، لكن مصدراً مقرباً من رئيس الوزراء وصف عدم لقاء السيستاني بأنه أمر «سلبي». ومع انحسار التفويض الذي حصل عليه من قبل من المحتجين والسيستاني ربما لا يجد العبادي نفسه في وضع يمكنه من تحدي من يعارضون حملته الإصلاحية. وتتركز معارضة النواب على الإصلاحات لكنها تنبع من خلافات أكبر بين معسكرين داخل ائتلاف دولة القانون يرأسهما على الترتيب العبادي والمالكي. ويعتبر أنصار المالكي المتحالفون مع إيران العبادي قريباً أكثر مما يجب من الولاياتالمتحدة التي تسلح القوات العراقية وتدربها وتشن حملة قصف جوي على داعش. والمالكي نفسه له شعبية في صفوف الفصائل المسلحة المدعومة من إيران. وقال العسكري «العبادي يشعر أحياناً بأن هذا خطر على سلطته وقد حاول إضعاف المالكي». وأخفق العبادي في تنفيذ واحد من إصلاحاته الرئيسة كان من شأنها إبعاد المالكي والنائبين الآخرين لرئيس البلاد عن مناصبهم. وقال العسكري «كلما ضغط (العبادي) على المالكي خسر تأييد دولة القانون». لكن نواباً يقولون إن العبادي قد يحتاج لتأييد أوسع لضمان إقرار مقترحاته في البرلمان دون مشكلات وللحيلولة دون احتمال التصويت على سحب الثقة منه وهو ما لم يستبعده أعضاء في البرلمان. ومن المحتمل أن يكون دعم المراجع الشيعية التي التقى بها العبادي في مطلع الأسبوع وتعارض المالكي إلى حد كبير ذا أهمية كبيرة في أي مواجهة تحدث في المستقبل، لكن يبدو أن هذا الأمر مستبعد في ظل الظروف الراهنة. من ناحية أخرى قال المصدر المقرب من رئيس الوزراء إن تأييد جماعات شيعية أخرى مثل التيار الصدري أو المجلس الأعلى الإسلامي سيمكن العبادي من الحيلولة دون الانقلاب عليه من داخل تحالفه الانتخابي.