تزايدت المؤشرات على لجوء عددٍ من المسلحين، الذين عَمِلوا في أجهزة نظام بشار الأسد والميليشيات الموالية له إلى أوروبا، في وقتٍ أُطلِقَت حملاتٌ دعائيةٌ إلكترونيةٌ ضدَّهم بوصفهم «شبّيحة» وليسوا مهاجرين. وأكدت مصادر وصول عددٍ من هؤلاء إلى جزيرة كوس اليونانية في أواخر شهر سبتمبر الفائت. وفي شهادةٍ له أمام البرلمان الفرنسي؛ تحدَّث ممثل اتحاد المنظمات الطبية الإغاثية السورية، زياد العيسى، عن «مجرمي حرب لجأوا إلى فرنسا وأوروبا». وعبر حوالي 600 ألف مهاجر البحر المتوسط صوب القارة الأوروبية خلال العام الجاري. ونصف هؤلاء من السوريين، بحسب الأممالمتحدة. ووصل عددٌ منهم من المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة دمشق، فيما قَدِم آخرون من مناطق المعارضة ودول مجاورة. وأبلغ موظف سوري في منظمةٍ دوليةٍ غير حكوميةٍ عن تمكُّنه خلال مهمة تقييمٍ في جزيرة كوس في نهاية سبتمبر من رصد عددٍ من عناصر الميليشيات الموالية للأسد. وتشكل الجزيرة نقطةً رئيسةً في رحلة المهاجرين عبر طرق التهريب. ويوضِّح الموظف أن عدداً ممن رصدهم ينتمون إلى عائلةٍ واحدةٍ تتحدّر من طرطوس (شمال غرب سوريا) وكانوا ضمن مجموعة من المهاجرين، الذين انطلقوا من تركيا. ونقل عن أحدهم قوله فيما لاجئون آخرون ينظرون إليه بازدراء «نحن أيضاً ضحيةٌ للحرب». ويحمِّل السوريون المعارضون للنظام من يسمّونهم «الشبّيحة» مسؤولية كثيرٍ من التجاوزات في بلادهم كالاعتقالات والاعتداءات وممارسات الترهيب. وعلى موقع «فيسبوك»؛ أُطلِقَت صفحة باسم «مجرمون لا لاجئون» لتوجيه الانتقاد إلى «شبّيحة» استغلوا تدفُّق الهجرة غير الشرعية للنجاة بأنفسهم بعد ارتكابهم جرائمهم. وتنشر الصفحة صور عشرات الأشخاص، الذين تقول إنهم أطلقوا النار على معارضين وكانت لهم تجاوزات ضد مدنيين أو قاتلوا في العراق ضمن صفوف الميليشيات. ولا يمكن التأكد من مصداقية هذه الأخبار، التي تتضمن صور أشخاصٍ يحملون سلاحاً أو يقفون قرب لافتاتٍ تحمل اسم بشار الأسد؛ وصوراً مقابلة التُقِطَت في دول أوروبية للأشخاص أنفسهم على الأرجح؛ مع تعليقات مثل «قال إنه مدني وهارب من الحرب» أو «لم يقتل بيده لكنه تسبَّب في مقتل كثير من الطلاب، موجود كلاجئ مضطهد في السويد». والهدف هو فضح هؤلاء، بحسب أحد القيِّمين على الصفحة، قطيبة ياسين.وربط ياسين بين هذه المبادرة و»تلقِّي شهادات من لاجئين فوجئوا برؤية وجوه بعض مضطَهِديهم في أوروبا». وقدَّر بحوالى 500 عدد عناصر النظام، الذين يعيشون في دول أوروبية شمالية إضافةً إلى ألمانيا والنمسا وفرنسا كلاجئين. لكن الحملة على «فيسبوك» لا تأخذ في الاعتبار أسباباً قد تكون دفعت هؤلاء إلى الفرار كمحاولة عددٍ من أبناء الطائفة العلوية تجنب التجنيد الإلزامي في وقتٍ تتزايد فيه كثيراً الخسائر البشرية للنظام. ويقول أستاذ العلوم السياسية في باريس، زياد ماجد، «لست متأكداً من صحة هذه الصور»، مشيراً في الوقت نفسه إلى معلومات عن تجنب علويين التجنيد الإلزامي و»حرباً لا يبدو أن لها نهاية». لكنه لم يستبعد ممارسة عددٍ منهم «التشبيح» وتورطهم في جرائم حرب، معتقداً أن «الموضوع شديد الحساسية». ويشدِّد قاضٍ في المحكمة الوطنية الفرنسية لحق اللجوء على وجوب «طرح السؤال حول احتمال مشاركة لاجئين في الفظائع المرتكبة من النظام». ويفيد أن المقابلات، التي يقوم بها المكتب الفرنسي للاجئين أو المكاتب الأوروبية الأخرى المكلَّفة بالموضوع «تهدف إلى كشف وجود مثل هذه الحالات، لكن الأمر صعب جداً» بسبب تزوير الهويات واختلاق شهادات كاذبة. ويذكِّر القاضي الفرنسي، الذي طلب عدم نشر اسمه، ب «بند واضح في هذا الإطار يؤكد رفض منح اللجوء لأي شخص يتحمل مسؤولية انتهاك معاهدة جنيف، ونحن حريصون جداً على التنبُّه لهذا الموضوع». ولا يستغرب مصدر مطلع على ملف اللاجئين دخول عناصر سابقة في ميليشيات موالية للأسد إلى الدول الأوروبية «في ظل وضع الفوضى الحالية السائد، حيث لا إجراءات قانونية للدخول». و«يبرز كل ذلك أهمية إيجاد مراكز لاستقبال اللاجئين على حدود القارة»، بحسب المتحدثة باسم المفوضية الأممية العليا للاجئين، سيلين شميت.