كثيراً ما نسمع عبارات تذمر أبنائنا من الدراسة، لا سيما خلال فترة العودة للمدارس وفترة الامتحانات. إلا أنه لم يخطر لهم يوماً أن الدراسة نعمة يتمناها بعضهم! نعمة حُرم منها ملايين الأطفال حول العالم.. لقد بلغ عدد الأطفال الأميين في العالم العربي -حسب إحصائية المنظمة العربية للثقافة والتعليم حوالي 6.188 مليون طفل. «مالالا» يوسفزاي طفلة باكستانية كانت تعيشُ تحت وطأة ظلم فكر متطرف يرى أنه لا حاجة للفتيات لكسب التعليم والالتحاق بالمدارس، بل ويعمد هذا الفكر إلى تدمير مدارسهن وتهديد مؤوسسيها بالقتل، متناسين أن ديننا الحنيف قد حث على التعليم ووضح أجر طالب العلم دون التحديد ذكر أو أنثى. كان العزوف عن الدراسة هو التصرف المتوقع من أي طفلة أخرى في ظل هذه الظروف. إلا أن مالالا وزميلاتها تمسكنّ بحقهنّ في التعليم، واستمررن في المواظبة على حضور حصصهن الدراسية. وتصف مالالا في كتابها «أنا مالالا» كيف كانت تخفي حقيبتها تحت ملابسها، وكيف كانت تتلفت باستمرار في طريقها للمدرسة خوفاً من التهديدات التي كانت تصلها وزميلاتها يومياً. حتى أطلق عليها رجلُ يوماً وهي مستقلة الباص مع زميلاتها فأصابها بطلقتي رصاص إحداهما أصابتها في محجر عينها اليسرى وأصبحت في حالة حرجة، فُنقلت إلى مدينة برمنغهام في بريطانيا وخضعت لعملية جراحية معقدة. ما إن استيقظت واتصلت بوالدها -الذي لم يلحقها بعد- أوصته قائلة بصوت واهن: «أحضر لي حقيبتي المدرسية وإذا لم يتسنَّ لك الذهاب إلى سوات –قريتها- لجلبها فلا يهم، ولكن اشتر لي كتبًا جديدة». مالالا ليست طفلة مختلفة. فهي كأي طفلة أخرى تُحب الحلوى والدمى واللعب مع صديقاتها. إلا أنها أدركت أهمية العلم الذي حرص ديننا الحنيف عليه وبينّ فضله، فناضلت حتى غدت اليوم اسماً مُلهماً ورمزاً عالمياً للإصرار والقوة وحب التعلم حتى في أقسى الظروف!