جدَّد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، انتقاداته للدول الغربية، مُتهِماً إياها بسوء معالجة أزمة اللاجئين، في وقتٍ تلقَّت بلاده بتحفظٍ كبيرٍ وعداً من الاتحاد الأوروبي بمساعدتها على إيواء أكثر من مليوني لاجئ سوري على أراضيها. واعتبر رجب طيب أردوغان أن أوروبا تصمُّ أذنيها عندما يتعلق الأمر بقضايا طالبي اللجوء، متهماً القارة القديمة بأنها لا تفتح أبوابها حقاً أمامهم وتغض الطرف حتى لو ماتوا في البحر الأبيض المتوسط. وأفاد أردوغان، خلال كلمةٍ ألقاها أمس في جامعة واسيدا اليابانية في وسط العاصمة طوكيو، بأن بلاده استثمرت نحو 7.8 مليار دولار كمساعدات لإغاثة اللاجئين. وتشابهت تصريحات الرئيس التركي لدى زيارته اليابان مع تلك التي أدلى بها الأسبوع الماضي في العاصمة البلجيكية بروكسل. وتستقبل بلاده نحو 2.2 مليون لاجئ سوري و300 ألف عراقي فروا من النزاعات المسلحة في البلدين المجاورين. وشكَّل نحو 182 ألف سوري ما نسبته %40 من مجموع اللاجئين والمهاجرين الذين عبروا البحر المتوسط خلال العام الجاري. في السياق ذاته؛ أبدت أنقرة تحفظاً كبيراً على وعدٍ من الاتحاد الأوروبي بمساعدتها على إيواء أكثر من مليوني سوري لجأوا إليها. والإثنين الماضي؛ قدَّم رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، إلى رجب طيب أردوغان مشروع «خطة عمل» تهدف إلى وقف أو إبطاء تدفق اللاجئين الذين يحاولون يومياً وبكافة الوسائل مغادرة تركيا للوصول إلى أوروبا. ومقابل دعم مالي بقيمة 1.1 مليار يورو؛ تدعو المفوضية أنقرة إلى إبقاء المرشحين للهجرة على أراضيها عبر إقامة مراكز استقبالٍ لطالبي اللجوء. كما يريد الأوروبيون من الأتراك تعزيز المراقبة البحرية لسواحل بلادهم التي ينطلق منها غالبية المهاجرين إلى الجزر اليونانية القريبة. وفي موقف غير مفاجئ؛ تلقت حكومة أحمد داود أوغلو بتشكيكٍ امتزج ببعض الاستياء الدعوات المُلحَّة للمفوضية. ودعا مسؤول حكومي تركي إلى زيادة التمويل المخصص للخطة الأوروبية، وأبلغ وكالة «فرانس برس» بقوله إن «الاتحاد الأوروبي على عجلة من أمره (…) لكننا نفعل أصلاً ما هو مدرج في هذه الخطة منذ 4 سنوات». ويعتبر أردوغان أن بلاده تحملت عبء المهاجرين السوريين وحدها. بدورها؛ أعلنت وزارة الخارجية في حكومة داود أوغلو الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي على تشكيل مجموعة عمل لدراسة الخطة التي قدمها جان كلود يونكر، مؤكدةً «لم يتم تبنيها رسمياً بعد». ويُنتظَر وصول مسؤولين أوروبيين، بينهم المفوض المكلَّف بالهجرة ديمتريس أفراموبولوس، إلى أنقرة خلال أيام لمناقشة مقترحات يونكر. ويرى متين تشوراباتير، وهو رئيس مركز أبحاثٍ تركي حول اللجوء والهجرة، أن «أوروبا أخطأت باعتقادها أن دفع أموال إلى بلادنا لإبقاء اللاجئين على أراضيها سيسمح بتسوية الأزمة». ولاحظ أن «معظم اللاجئين هنا يعيشون في المدن بعيداً عن المخيمات»، متسائلاً عن جدوى بناء مخيمات جديدة. واعتبر تشوراباتير أن «هذا الحل يمكن أن يبدو مؤقتاً في نظر الأوروبيين، لكنه ليس فاعلاً والأموال التي ستُدفَع لهذا الهدف ستكون تبذيراً». ويتضمن مشروع «خطة العمل» الذي تقدم به يونكر شقاً لمكافحة مهربي البشر عبر تعزيز دوريات خفر السواحل والمراقبة على طول الحدود التركية. و«سيطلب الاتحاد الأوروبي من تركيا مكافحة مهربي البشر الذين يعملون علناً على طول سواحلها الغربية»، بحسب الخبير في مؤسسة كارنيجي أوروبا، مارك بييريني. أما طلب إنشاء مراكز استقبال لطالبي اللجوء؛ فيبدو احتمال قبوله من جانب أنقرة ضئيلاً. وكان أحمد داود أوغلو رفض الشهر الماضي فكرة إنشاء هذه المراكز ووصفها ب «غير مقبولة» و«لا إنسانية»، ودعا في المقابل إلى إقامة «مناطق أمنية» بحماية دولية يمكن أن تستقبل نازحين في داخل سوريا. لكن الأوروبيين لم يتبنوا هذا المطلب.