لست في حاجة إلى زيارة محافظة عنيزة في منطقة القصيم لتعرُّف أهمية هذه المحافظة ثقافياً وعلمياً وأدبياً، فأهلها منتشرون في جميع مناطق ومحافظات ومدن المملكة العربية السعودية ودول الخليج وبعض الدول العربية، وهم مميزون بثقافتهم وأدبهم وعلمهم وتجارتهم وأخلاقهم الراقية. ولكن زيارة عنيزة تعتبر زيارة للتاريخ والحضارة والثقافة والعلم، ولهذا يسعدني وأنا عاشق ولهان لعنيزة وأهلها أن أتحدث عما أعرفه عن عنيزة التي زرتُها عشرات المرات وما زلت أفعل. فمحافظة عنيزة تقع في منطقة القصيم، وهي مدينة تاريخية اكتسبت أهميتها منذ القدم بسبب موقعها التاريخي والجغرافي المميز، فهي تقع في الجزء الشمالي الأوسط من هضبة نجد إلى الجنوب من مجرى وادي الرمة، وتحيط بها كثبان رملية من الشمال والغرب تسمى رمال (الغميس)، بينما تقع إلى الجنوب منها رمال وغابات (الغضا) في منطقة الشقيقة. عنيزة هي مدينة العلماء والمثقفين والشعراء والمؤرخين من الجنسين، وهي مدينة الوزراء والأطباء والمهندسين وكتاب الصحف والمجلات والإعلاميين ورجال وسيدات الأعمال. وقد تحدث عنها كثير من الرحالة والأدباء والشعراء والكتاب على مدى العصور والأزمان بإسهاب ووصفوا أرضها وسماءها وأهلها بعشق لا مثيل له، ولا شك أن ماضي عنيزة مملوء بالصفحات المشرفة والمشرقة التي يصعب حصرها. وقد احتوت آلافاً من الكتب والمطويات والمخطوطات والدوريات الكم الهائل من المعلومات عن عشقهم وحبهم وشغفهم بعنيزة وأهلها الطيبين. أما عشق المؤرخ اللبناني أمين الريحاني مع عنيزة وتسميته إياها ب(باريس نجد) فقد كان ذلك أثناء زيارته لها عام 1341 هجرية حين شبه عنيزة في تلك الفترة بباريس (عاصمة فرنسا) بسبب ما كانت تتمتع به عنيزة وأهلها من العلم والأدب والتنظيم والثقافة. وقد تشرفت شخصياً بزيارة عنيزة عدة مرات وتعرفت على أهلها عن قرب، ولذا تعوّد كل من يزور هذه المحافظة القصيمية الجميلة أن يسميها بلقب يعشقه، لذا أستأذن أهالي عنيزة في أن أضيف هذا اللقب إلى عشرات الألقاب إليها: «عنيزة الجوهرة المشعة في سماء الأدب والحب والثقافة».