بعد مشاجراتٍ وعراكٍ بين أعضاء مجلس الشيوخ؛ تلاشت أمس في اليابان عقبة جديدة على طريق تبني قوانين دفاعية تسمح بإرسال عسكريين إلى نزاع في الخارج. وشَهِدَ البرلمان في طوكيو عراكاً بالأيدي بين أعضاء مجلس الشيوخ قبل الموافقة على القانون الذي اقترحته الحكومة اليمينية بقيادة شينزو آبي. وبذلك؛ تبقى مرحلة أخيرة تتمثل في تصويت الأعضاء على النصوص الواردة من الحكومة خلال جلسةٍ عامةٍ مرتقبة. وأمام رئيس الوزراء الذي جلس مراقباً ما يحدث؛ طوَّق نوابٌ من المعارضة والتحالف الحاكم مرتين رئيس لجنةٍ خاصةٍ لمناقشة القانون وتدافعوا وتعاركوا بالأيدي. بعد ذلك؛ ألقى البرلماني المعارض، تيتسورو فوكوياما، خطاباً حماسياً أوضح فيه أسباب تقديم حزبه لمذكرة اعتراضية. وبلهجةٍ بدا فيها تأثره الشديد؛ تساءل فوكوياما «هل يصغي الحزب الحاكم إلى أصوات الجمهور؟». وخاطب الموالاة قائلاً «يمكنكم أن تفعلوا كل ما تشاؤون لأن لديكم الأغلبية.. هل هذا ما تفكرون به فعلاً؟». وتصاعد التوتر ساعة بعد ساعة، وأُرجِئ تبني النصوص مرات عدة بعدما أغلق البرلمانيون الأبواب وملأوا الممرات تعبيراً عن احتجاجهم. ويؤكد معارضو هذه النصوص تعارضها مع مبدأ التخلي عن الحرب المُدرَج في المادة التاسعة من الدستور. ويحذر هؤلاء من قراءةٍ جديدةٍ للدستور تدفع البلاد إلى القتال إلى جانب الأمريكيين في حروبٍ بمناطق بعيدة. لكن رئيس الوزراء يعتبر هذا التطور القانوني ضرورياً في مواجهة تهديدات متزايدة قادمة من الصين وكوريا الشمالية. ويسعى آبي إلى إعادة الوضع العسكري لبلاده إلى طبيعته بعدما تم قصره منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية على الدفاع الذاتي ومهمات المساعدة الإنسانية أو اللوجستية. وإزاء رغبته هذه؛ لم يكترث لتحذيرات أساتذة جامعات ورجال قانون وصفوا المراجعة الحالية ب «مخالفة للدستور». وأكد آبي أمام البرلمان الإثنين الماضي أن «الوضع الأمني في بلدنا تغير أكثر مما كنا نتصور»، وأشار إلى القانون الجديد بقوله «لا بد منه لحماية حياة مواطنينا وسلامتهم»، داعياً إلى «إقراره في أسرع وقت ممكن». ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيهون في طوكيو، تومواكي إيواي، أن «البلاد تقف عند منعطف في سياستها الأمنية». وستُدرِج القوانين الدفاعية الجديدة مفهوم «الدفاع الجماعي»، الذي استبعدته الحكومات السابقة. ويسمح هذا المفهوم للجنود بالقتال خارجياً لدعم بلدٍ حليف. ويؤثر الموقف الثابت الذي يتبناه رئيس الوزراء سلباً على شعبيته، إذ أشارت استطلاعات الرأي إلى معارضة غالبية مواطنيه التغييرات المقترحة وتمسكهم بالطابع السلمي للدستور. وفي الأسابيع الأخيرة؛ تظاهر الآلاف منهم في الشوارع بصفة شبه يومية. ويشبِّه مراقبون الموقف الحازم لآبي بموقف جده رئيس الوزراء الأسبق، نوبوسوكي كيشي، الذي اضطر للاستقالة قبل 55 عاماً بعدما دَعَمَ إبرام اتفاقية أمنية مع واشنطن خلافاً لإرادة الرأي العام. ويشارك في التجمعات المعارضة طلاب وربَّات عائلات ومحتجون يساريون إلى جانب أوساط فنية وثقافية. واعتبرت ريوكو إيكيدا، وهي أم في ال 36 من العمر، التحرك الآن مسؤوليةً على الراشدين، محذرةً من أن «أطفالنا والأجيال القادمة هي التي ستدفع الثمن». ورأى محتج يُدعَى كيكو ناغاو أن «الصورة السلمية لليابان هي كنزها والتخلي عنها خسارة كبرى لها».