تلقيت سيلا من التعليقات الأسبوع الماضي على مقالي «إجازات المعلمين التدليل والتعطيل» معظمها قد توقعته بسبب جهل بعضهم في التعامل مع النقد بطريقة حضارية وراقية، وهو ما بدأت به مقالي الماضي. ووجدت فعلا أن من علق سواء على الموقع أو ما وردني على هاتفي وإيميلي، لم ينظر إلى نصف الكوب الفارغ فحسب، ولكنه سكب ما في النصف الممتلئ ليدخل في حالة بائسة من الجهل. التعليقات كان بعضها يعكس حالة الفراغ التي سببتها الإجازة، مما جعل قروبات الواتسآب الخاصة بالمعلمين تتناقل المقال كتحذير، وتحسب كعادة الهاربين من النقد الفارين إلى الصد. ولجأ بعض الإخوة المعلمين الى الحيل الدفاعية من تبجيل الجهود وتعظيم العمل، وعكست بعض التعليقات الصورة القاتمة التي يتلبسها بعض المعلمين من اضطهاد الآخرين لهم من أصحاب الوظائف الأخرى، ومع الأسف الشديد أن بعض المعلمين حول المقال إلى موضوع شخصي ودخلوا في النيات والظنون، وتوقع بعضهم أني باحث عن الشهرة وليتهم يعلمون أني هارب منها، فما صنعته ولله الحمد في مسيرتي من عمل ونجاح يكفيني وأوزع فائض شهرته على غيري. ما أودّ قوله أني كاتب رأي وصاحب مهنة سامية وهي الصحافة، ولن تزيدني التعليقات إلا إصرارا ودافعية على النقد الهادف، ومواصلة المهمة أيا كانت النتائج ومهما زادت حدة التعليقات، لأن لدي رسالة ولا بد أن أوضحها نقدا ونقاشا وحلولا ورأيا، وأمامي المجال متاح ضمن سياسة الإعلام في وطني وتحت إجازة رئيس تحرير الصحيفة في التعليم أو أي وزارة أخرى أو موظفين ينتمون إليها. فأنا كاتب رأي انطلق من مبدأ واتجه نحو أهداف، وأكتب بأمانة قلم وانتقد بعقل صحافي، وأتحدث بلغة حيادي وأناقش بفكر صاحب رسالة. وفي هذا المقال أودّ أن يفهم المعلمون ويتفهم من ساندهم في التعليقات، أني نقدت تمتع المعلمين بالإجازات الطويلة ومطالبهم المخجلة بزيادة عدد أيامها التي شارفت أن توازي عدد أيام العمل، وينوي الإخوة المعلمون والأخوات المعلمات، أن يميلوا كفة ميزان الإجازات لترجح عن كفة العمل، ولم أتطرق إلى تخصصات أو شرائح بعينها أو جانب العمل وساعات الدوام، أو إلى ما جنح إليه بعض المعلقين المتعلقين بقشة الجهود ودفاعات وأسطوانات شرف المهنة. أنا أنتقد موظفين ولم أنتقد مهنة، انتقدت مطلبا ليس في مكانه ولا زمانه ويخالف العقل والمنطق، ولم أنتقد مطالب موضوعية، انتقدت آلية تطوير المعلم ولم أنتقد عدد الحصص أو جهود المعلم ونتاجه، الذي أصر وسأظل أؤكد أنه بيروقراطي إن ظل على الآلية الحالية البائسة، التي لا تضيف للمعلم أو مخرجات التعليم لدينا إلا التكرار المستمر. نصيحتي الدائمة للمعلمين والمعلمات، هي أن وزيركم الحالي قادم من بوابات العمل المؤسساتي، جاء بفكر مختلف وحقيبته مليئة بالأفكار، لم يسترح ليخطط لأنه أرهق بالمطالب، قدم ولديه الجرعة الكفيلة بوأد البيروقراطية وإيقاف كهنتها من الجيل القديم، التفوا حوله ساعدوه ساندوه أعطوه وقتا ليرتاح من وسائل التواصل، التي أشبعت بالمطالب ونضحت بالمطالبات، اهتموا بتطوير أنفسكم ذاتيا وأدائكم، حاربوا البيروقراطية والتكرار، استفيدوا من الإجازات في صقل مواهبكم وتطوير مهاراتكم، وأن تكونوا عونا للوزارة وخير ممثلين لهذه المهنة العظيمة في المدارس وخارجها، وكونوا مربي أجيال وفق مقتضيات المهنة وليس مقاصد الوظيفة.