الفقراء لا يأتون من كوكب آخر بل هم فئة بشرية وصمتها الحياة بوسم الفقراء الذين لا حول لهم ولا قوة. يتطلع الفقراء إلى وجود ثقافة مؤسسية تقوم مقام ثقافة مساعدة المحتاج النابعة من تعاليم دينية فثقافة مساعدة المحتاج لا تغني أبداً عن وجود مأسسة لمساعدة تلك الفئة البشرية التي هي جزء من النسيج الاجتماعي، وجود جمعيات خيرية لا يعني مأسسة العمل الخيري وإن كان البعض يراها كذلك، الجمعيات الخيرية مؤسسات من ضمن مؤسسات المجتمع المدني ووجودها طبيعي في ظل انتشار الوعي وثقافة الحقوق والحياة المدنية، تلك المؤسسات لا تغني شيئاً عن مأسسة العمل الخيري خصوصاً فيما يتعلق بمساعدة الفقراء والمحتاجين، الجمعيات الخيرية مؤسسات لكنها في الواقع تفتقد لأدنى مقومات المؤسسة فهي عبارة عن ممتلكات لفئات بشرية معينة لم تقدم للعمل الخيري أي جديد لا على مستوى البرامج ولا على مستوى تعزيز وتنويع مصادر الدخل فالترهل هو السمة البارزة لتلك المؤسسات المسماة بالجمعيات الخيرية. الجمعيات الخيرية ليست مسؤولة عن الزيادة السنوية لأعداد الفقراء والمحتاجين وليست مسؤولة عن قلة الدعم الحكومي لكنها قطعاً مسؤولة عن عزوف المتبرعين وعدم وصول المساعدات العينية والنقدية للمستحقين، لا يستطيع أحدٌ التشكيك في النيات لكن الواقع يقول إن تلك الجمعيات التي في الأصل للمجتمع ومن المجتمع باتت ومنذ مدة بعيدة عن المجتمع فقد أصابتها حمى الواسطة والشفاعة وأصبحت مرتعاً للوجاهة وحُب الظهور وبرامجها لا تصل إلى المستحق الحقيقي! مأسسة العمل الخيري ومساعدة الفقراء تقوم على ركيزتين أساسيتين أولاهما معالجة أسباب الفقر والظواهر المرتبطة به بشفافية تامة وتلك مسؤولية جهات حكومية تنفيذية وتشريعية والثانية تحويل المؤسسات الخيرية إلى مؤسسات مجتمع مدني وذلك عن طريق الانتخابات لتصبح إداراتها ومصروفاتها وبرامجها وخططها تحت عين المجتمع وسلطته المباشرة تلك هي المأسسة المقصودة، فالمجتمع بصوت وفكر أبنائه قادرٌ على تنويع برامج الجمعيات وتحقيق الغاية من وجودها كيف لا والفقراء الصامتون سيتحدثون لصندوق الاقتراع ويشاركون في بناء صروح الدعم.