ليس خافيًا أن المجتمع السعودي من أكثر المجتمعات الإسلامية تفاعلًا وبذلًا في الإغاثات الخيرية خاصة الإقليمية والعالمية لكن هذه الوفرة المالية لم تنعكس بشكل واضح وملموس على صورة العمل الخيري في الداخل السعودي كما يرى كثير من المراقبين، مما يشكل مفارقة جديرة بالبحث والاهتمام؛ فلماذا تعاني مؤسسات العمل الخيري من ترهل وضعف واضحين؟ وما أبرز المعوقات التي تقف أمام ازدهار قطاع الأعمال الخيرية؟ وما أبرز الحلول والمقترحات المطلوب توافرها لإنجاح هذا القطاع الحيوي في المجتمعات الحديثة؟.. "الرسالة" بدورها طرحت هذه الإشكالية على عدد من العاملين والمهتمين بقطاع العمل الخيري في المجتمع من خلال التحقيق التالي: انتقد الأمين العام المساعد للندوة العالمية للشباب الإسلامي انعدام وجود نظام واضح ومعروف ينظم العمل الخيري والمدني في المجتمع يعمل به الناس ويحتكمون إليه، وأضاف بادحدح أن من يتقدم بطلب ترخيص لجمعية قد يوافق عليها وقد لا يوافق، وفي حالة عدم الموافقة لا يكون هناك توضيح لأسباب الرفض، إضافة إلى عدم وضوح المسموح والممنوع من العمل الخيري. وأوضح بادحدح أن القوانين والأنظمة المعمول بها الآن بحاجة إلى تطوير. وكشف بادحدح أن طلب الترخيص والحصول عليه عملية صعبة بل أصعب من أي بلد من البلدان المجاورة؛ ففي لبنان مثلًا تستطيع أن تنشئ جمعية بكل سهولة كما يقولون (علم وخبر) فبإمكان أربعة أو خمسة أشخاص أن يقدموا طلبا لإنشاء جمعية للشؤون الاجتماعية بمجرد الإخطار والإخبار وخلال شهر إذا لم يكن هناك أي اعتراض أو ملاحظات من الجهة المشرفة تعتبر جمعية مرخصة بقوة القانون. كما أوضح بادحدح أنه بعد أخذ تصريح فإن القوانين التي تنظم العمل وتحميه غير ناضجة وبها إشكاليات كثيرة على الرغم من أن هناك بلدانا كثيرة لديها أنظمة رائعة وحديثة باستطاعتنا استجلابها والتعديل عليها وتكييفها بما يتلاءم مع مجتمعنا، وحتى العمل التطوعي ليس هناك ما ينظمه ويوجهه وليست له مرجعية، مؤكدًا أن صلاحية الأنظمة والقوانين مع وجود الجهة المشرفة هي المفتاح لأي نجاح في جانب العمل الخيري والمدني. وانتقد بادحدح وزارة الشؤون الاجتماعية التي لا تقوم بأي دور لدعم الجمعيات خاصة وأن كثيرًا من الجمعيات حديثة النشأة وتحتاج إلى الدعم المعنوي والدعم الإداري؛ فالوزارة حين تعطي التصريح لا تهتم بعد ذلك بمشكلات الجمعيات، وطالب بادحدح الوزارة كونها جهة مرخِصة طالبها بالقيام بدور الرعاية وتوعية العاملين في العمل الخيري بأسسه ومبادئه، والعمل على تأهيل وتدريب كوادره لأن قطاع العمل الخيري يعتبر جديدًا إلى حد ما. وأكد بادحدح ما يتردد في وسائل الإعلام والمجتمع من أن العمل الخيري يفتقد إلى الشفافية والالتزام والمصداقية والوفاء للمانحين كما أشار إلى أنه ليست هناك منتجات حقيقية تعكس المال المتوفر في المجتمع إلى إنجاز على أرض الواقع، وبالإضافة إلى تحميله المسؤولية لوزارة الشؤون الاجتماعية فقد حمل بادحدح الجمعيات وإداراتها أيضًا المسؤولية عن ذلك، كما أشار بادحدح إلى أن الوعي بالعمل الخيري وأهميته لا يزال ضعيفًا في مجتمعنا ملمحًا إلى عدم وجود أي جهة علمية أو أكاديمية تعطي درجات علمية في العمل الخيري أو المدني أو حتى برامج تعليمية وتأهيلية، وأضاف أن الموجود مجرد اجتهادات فردية. وكشف بادحدح أن قلة الدعم المحلي يقف عائقًا أمام تطوير عمل المؤسسات والجمعيات كاشفًا أن بعض المؤسسات الخيرية المحلية تكاد تغطي مصروفاتها بصعوبة بالغة. إجراءات معقدة من جهته أكد المدير التنفيذي لمؤسسة مكة الخيرية التابعة لرابطة العالم الإسلامي فيصل بن محفوظ ما ذهب إليه بادحدح من أن إجراءات العمل الخيري المحلي معقدة وليس من السهولة فتح جمعية خيرية، وأشار ابن محفوظ إلى نظام الاختصاصات حيث إن كل جمعية لها تخصص معين ولا يسمح لأي جمعية أخرى بالعمل في نفس التخصص، كما أن على الجمعيات الموجودة أن تلحق بجمعية معينة في ذات التخصص، وتحفظ ابن محفوظ على هذا النظام الذي وصفه بأنه غير واقعي وغير صحي لأنه ليست هناك جمعية واحدة تستطيع أن تستوعب كل المحتاجين سواء أيتام أو مرضى أو فقراء، لكنه أشار إلى إيجابية قد ينطوي عليها هذا النظام بحيث إن المحتاج تتكفل به جهة واحدة بدلًا من أن يكون مكفولًا في أكثر من جهة، وأرجع ابن محفوظ سبب هذه الظاهرة إلى كون المعونة التي تعطى للمحتاج من جهة واحدة لا تكفيه وتعد مبالغ زهيدة ولا تغطي الاحتياجات خاصة مع ارتفاع الأسعار وتكلفة المعيشة لذلك يضطر إلى أن يطلب من أكثر من جهة. وأكد ابن محفوظ ظاهرة قيام العمل الخيري على الاجتهادات الفردية أكثر من العمل المؤسسي المنظم والمخطط لكنه لا يرى في المجمل أن العمل الخيري يرتكز على وجاهات القائمين عليه أكثر من ثقتهم في المؤسسات ذاتها مشيرًا إلى أنه قد يكون هناك من أصحاب المال من يثقون في أشخاص بأعينهم فيتبرعون لهم لثقتهم فيهم لكن مؤسسات خيرية عديدة تجاوزت هذا الأمر وأصبحت ثقة الناس في ذات المؤسسات وما تقوم به من أعمال ومشروعات وليس لأشخاص بأعينهم. وحول موضوع الشفافية في الجمعيات الخيرية كشف ابن محفوظ عن مشكلة لدى الجمعيات الخيرية كونها لا تظهر القوائم المالية في نهاية السنة حتى يطمئنوا المتبرعين ويكشفوا لهم عن مسارات الأموال المتبرع بها، وأكد ابن محفوظ على أهمية القوائم المالية بتفصيلاتها حتى تكون الجمعية أكثر شفافية مع المتبرعين سواءً من تبرع منهم سابقًا أو من يريد أن يتبرع لاحقًا، وكشف عن تخوف بعض الجمعيات من عدم استيعاب بعض المتبرعين -حين الكشف عن القوائم المالية- في حالة ذهاب بعض الأموال لمجالات معينة مثل الاستثمار أو غيره، وأضاف ابن محفوظ أن هذه المخاوف غير حقيقية من وجهة نظره وتتسبب في انعدام الشفافية. طفاية حريق كما أكد ابن محفوظ عدم وجود تخطيط بعيد المدى لدى الجمعيات وانشغالها بالإغاثات العاجلة والعمل ك(طفاية حريق)، وعزا ذلك إلى مجالس إدارات الجمعيات الخيرية وافتقارها إلى إداريين محترفين قادرين على وضع خطط بعيدة المدى، وألمح ابن محفوظ إلى أن القائمين على العمل الخيري وإدارته ليست لديهم تخصصات فيما يقومون به وإنما عبارة عن خبرة متراكمة، كما أن تنصيب القائمين على العمل الخيري لم يتم بطريقة صحيحة وإنما عن طريق علاقات أو أنه عرف بالأمانة والثقة فقط، ولفت ابن محفوظ إلى أن تنصيب أي شخص في قيادة العمل الخيري يجب أن يأخذ في الحسبان قدرة الأشخاص على التخطيط والإدارة والإنجاز. وأكد على أن كثيرًا من القائمين على العمل الخيري يفتقرون إلى أبجديات إدارة العمل الخيري وتطوير آلياته ومهاراته رغم أنه علم يدرس الآن في الخارج وتمنح فيه درجات أكاديمية، وأشار إلى أنه قد يكون لدى بعض المؤسسات خطط لرفع مستوى كفاءة العاملين فيها لكنها في الواقع لا تطبق. وعن معاناة العاملين في القطاع الخيري من تدني الرواتب والحوافز مما ينعكس سلبًا على أدائهم وعلى أداء العمل الخيري بالعموم قال ابن محفوظ إن هذا واقع فعلًا وإن بعض الجمعيات الخيرية تحاول أن تعلل ذلك بالاحتساب ونيل الأجر عند الله لكنها تنسى أن ما يقوم به العاملون هو في الأساس وظيفة رسمية يعمل فيها الموظف لمدة ثماني ساعات مثل باقي الشركات والمؤسسات، كما أن بعض الجمعيات قد تتخوف من أن تُعرف رواتب موظفيها إذا كانت عالية وبالتالي يحجم بعض المتبرعين عن التبرع إذا رأى أن المبالغ تذهب في رواتب الموظفين وليس لمشروعات خيرية، كما أن نظرة المجتمع إلى أن العاملين فيها يعملون بشكل تطوعي وخيري ولذلك لا يجب أن يأخذوا رواتب عالية، لكنه أكد وجود عكس هذه النظرة حيث تزخر الجمعيات الخيرية بكفاءات عالية سواء من ناحية الخبرة أو من ناحية الشهادات العلمية، ورغم ذلك يأخذون رواتب متدنية وربما لو كانوا في وظيفة أخرى لحصلوا على رواتب أفضل. مرونة كافية وفي ذات السياق قال عضو مجلس الشورى سابقًا ورئيس مؤسسة عبدالله نصيف الخيرية د.عبدالله نصيف إن العمل الخيري في السعودية بوجه عام يسير بشكل جيد وموفق باستثناء بعض العقبات الناتجة عن عدم إدراك بعض الجهات لأهمية العمل الخيري وأهمية إعطائه المرونة الكافية، وألمح نصيف إلى بعض الصعوبات التي تواجههم من ناحية رقابة وزارة الشؤون الاجتماعية وانعدام التصور الكامل عن أهمية العمل واتساعه. وأوضح نصيف أن الاجتهادات الفردية ووجاهة الأفراد وغلبتها على العمل المؤسسي هي قضية عامة تصيب كثيرا من البلاد ومنها السعودية؛ فالفرد ودوره ما زال مسيطرًا وهو الذي يقرر أحيانًا قضايا قد تحتاج إلى إعادة نظر، كما أن هذه السلبية لا تخص العمل الخيري بمفرده بل هناك قطاعات أخرى مختلفة مصابة بهذه السلبية، كما يرى نصيف أن العمل الخيري يبدأ من شخص واحد لكنه ينطلق بعد ذلك كمؤسسة مشيرًا إلى أن السعوديين نجحوا في تحويل العمل الفردي إلى عمل مؤسسي نجاحًا كبيرًا في كل المؤسسات المعروفة. كما أوضح نصيف أن الشفافية متوفرة لدى مؤسسات العمل الخيري وإن كانت بعض الجهات تطلب شفافية زائدة عن الحد المطلوب لكنه يعتقد أن الوضع الحالي مناسب وبه قدر كاف من الشفافية. وأضاف نصيف أن معظم المؤسسات الخيرية لديها سياسات بعيدة المدى ولا يتوقف عملها على البرامج الإغاثية العاجلة لكنها لا تظهر في الإعلام إلا عندما تكون هناك حالة تحتاج إلى معالجة سريعة وطارئة، وأشار إلى أنه بشكل عام أصبح لدى المؤسسات الخيرية تصور بأهمية وجود خطط بعيدة المدى والعمل عليها وإنشاء الأوقاف التي تساعدهم على ذلك، وأكد نصيف على أهمية تحديث وتطوير الأنظمة والقوانين وتوضيحها حتى لا تتعطل الجمعيات القادمة أو تتعثر الجمعيات القائمة حاليًا بالروتين الإداري. تطوير العاملين من جانبه أوضح الأستاذ بكلية الشريعة جامعة الطائف د.جميل اللويحق عددًا من المعوقات التي تعترض العمل الخيري؛ فقد ذكر اللويحق أن العمل الخيري ما زال يقوم على تراكم الخبرات الفردية ولا يقوم على أسس تكوينية وتدريبية من الناحية النظرية والناحية التطبيقية بصورة واضحة، وأضاف أننا بحاجة إلى تطوير بناء العاملين في العمل الخيري من الناحية العلمية الصرفة ومن الناحية الفنية التطبيقية، وأشار إلى عدم وجود معاهد مستقلة ولا تخصصات بالصورة المناسبة لهذا القطاع إلى هذه اللحظة، كما ذكر اللويحق أن بنية العمل الخيري في الغالب ما زالت تحتاج إلى مزيد التحول إلى كيانات غير مرتبطة بالأشخاص الذين يديرونها، بحيث تكتب النظم الإدارية والمالية وقواعد العمل ولوائحه وتعتمد ويحتكم إليها مما يسمح بامتداد هذه التجارب لزمن طويل في المستقبل، وأضاف اللويحق أن قضية الأنظمة والقوانين يرى فيها واقعان: الأول ما يتعلق ببنية المؤسسات الخيرية نفسها حيث إن بعض الجمعيات لا يوجد لديها نظام داخلي واضح ولوائح تحكم العمل، أو توجد لوائح لكنها قاصرة وفيها ضعف شديد، وهذا أمر مخالف لضرورات العمل ومخالف لقواعد الإدارة وبالضرورة ستنشأ عن ذلك مشكلات، والثاني الذي ذكره اللويحق هو الخلل في الأنظمة الحاكمة للعمل الخيري إجمالًا؛ فهي بحاجة إلى تطوير ومراجعة وتسهيل وإتاحة المجال لما هو أفضل مما هو في الواقع، وألمح اللويحق إلى أن مرجعيات الجمعيات الخيرية مختلفة وليست واحدة؛ فما يتعلق بالقرآن مرتبط بوزارة الشؤون الإسلامية، وما يتعلق بالبر مرتبط بوزارة الشؤون الاجتماعية، وقد تجد جمعيات أو مؤسسات مجتمع مدني أو ذات تخصص رقابي على أنواع مختلفة من النشاط الاجتماعي لكن مرجعيتها غير واضحة أو غير مناسبة لطبيعتها. وأوضح اللويحق أن هناك قصورًا في مجال العمل الخيري والمدني بصفة عامة فمن حيث العدد يشير اللويحق الى أننا من أقل البلدان في عدد الجمعيات؛ فلا توجد مقارنة بيننا وبين إسرائيل مثلًا، بل أقرب البلدان لنا مثل الأردن يقال إن بها (4000) جمعية تقريبًا بينما نحن لدينا نحو (2000) جمعية، وفي مصر هناك أكثر من (12000) وهكذا... علمًا بأن المملكة من أكثر البلدان من حيث حرارة الحس الشعبي الداعم للعمل الخيري، وهذه المفارقة تمثل مشكلة تستوجب المراجعة والوقوف عندها خاصة ما يتعلق بالخلل والقصور في الأنظمة والقوانين، وطالب اللويحق بتوسعة مجال العمل الخيري وتسهيل إجراءاته بما لا يخل بالقضايا الأساسية كالأمن مثلًا وذلك لنستوعب المال الوفير لدى الناس في أوجه الخير التي نحتاجها في الداخل، وحتى يمثل ذلك حافزًا للناس على قيم التطوع والعطاء والتشارك والتي هي جزء من حياة المجتمعات اليوم. وأكد اللويحق أن المجتمعات تقوم على القطاع الحكومي وعلى القطاع الخاص لرجال الأعمال وعلى القطاع المدني، ونحن نعاني من ضعف القطاع المدني رغم أنه هو الذي يقاوم الأخطاء التي توجد في بنية القطاع الحكومي أو الخاص. ثقافة المتبرعين وعرج اللويحق على مشكلة في ثقافة بعض المتبرعين الذين لا يتقبلون فكرة الاستثمار في المجال الخيري أو دفع رواتب عالية للعاملين في ذات القطاع، ودعا اللويحق الجمعيات والجهات الخيرية إلى أن يكون لديها منفذ للتبرع يتعلق بالعمل الإداري والأعمال المساندة؛ وهذا المعنى ظاهر في القرآن الكريم عندما ذكر الله مصارف الزكاة وجعل منها "العاملين عليها" وقد ذكر أهل العلم أن العاملين عليها لا يشترط فيهم الفقر؛ فلو كان العامل غنيًا لجاز له الأخذ من الزكاة مقابل عمله، ومعنى ذلك أن ما لا يمكن أن يقوم الحكم الشرعي -الذي هو صرف الزكاة في أوجهها المعتبرة- إلا به وهو وجود من يعمل على جمعها وتفريقها فإنه يصبح مطلوبًا، ويصبح وجوده من مقاصد الشريعة، وبالتالي إذا كان العمل الخيري يتوقف على وجود الشخصيات المناسبة وعلى التأهيل المناسب والمبنى المناسب وعلى المرافق الجيدة فإن تحصيلها يكون مطلوبًا شرعًا، وعلينا أن نرقى بثقافة المتبرعين. وأشار اللويحق إلى أنه في حالة وجود الطاقات والقدرات المتميزة لإدارة العمل الخيري فإنها تصطدم عادة بعقبة قلة الأجور وضعفها، ويوجد ثقافة سائدة لدينا بأن العمل في القطاع الخيري يقتضي بالضرورة أجرا متدنيا، وهذا في الحقيقة -من وجهة نظر اللويحق- خطأ بكل المعايير، ويعتقد اللويحق أن وجود الشخصيات القوية والنافعة ودفع الأجور الكبيرة لها في مقابل إنجاز العمل على أفضل صورة لا بد أن يكون هو الاتجاه القادم لدى المؤسسات الخيرية فضلًا عن أن يقال إن العمل الخيري قائم على التطوع المجرد فهذه مرحلة لا بأس بها في بعض الأعمال لكن في بنية الأعمال الأساسية واستمرارها وتطورها فلابد من قيام الجمعيات على مهام ومسؤوليات ومحاسبة وهذا معناه أن يكون الانتماء إليها انتماءً إداريًا واضحًا فيه حقوق وواجبات. وأضاف اللويحق أن هناك قيودًا تحد من حركة العمل الخيري في جمع الأموال والتبرعات وهي مفهومة من زاوية النظر العام لكننا نحتاج إلى تطوير طرق ووسائل جديدة وتسهيل بعض السبل التي تسمح للعمل الخيري بأن ينطلق، ومن أهم هذه السبل تسهيل إجراءات الوقف وفتح الباب له، وشدد اللويحق على أن هذا الاتجاه بالذات هو أهم الاتجاهات المطلوبة، بالإضافة إلى تطوير آليات الاستثمار في العمل الخيري ليكتفي عبر الوقت عن الحاجة إلى انتظار المال أو طلبه من الداعمين. التدريس في الجامعات أما مدير عام جمعية البر بجدة محمود باقيس فقد أكد على أن أبرز معوقات العمل الخيري في المملكة عدم تحديث أنظمة العمل الخيري، وأن نظام الجمعيات الخيرية لم يصدر حتى الآن رغم أننا نقرأ أنه تحت الدراسة منذ سنوات، كما أشار باقيس إلى محدودية ثقافة التطوع لدى أفراد المجتمع، وقلة عدد الأفراد المختصين والمؤهلين لإدارة الأعمال الخيرية والإشراف على مشروعاتها، كما كشف باقيس عن انخفاض حجم التبرعات للأعمال الخيرية من المؤسسات المالية والشركات الكبيرة وتأثيرها على العمل الخيري الأمر الذي كان له تأثير سلبي كبير على مؤسسات العمل الخيري، وطالب باقيس بمعالجة هذه السلبيات وغيرها على مستوى المنشأة الخيرية نفسها وعلى مستوى وزارة الشؤون الاجتماعية والأجهزة الحكومية المشرفة على قطاع الأعمال الخيرية، كما دعا باقيس إلى الاعتماد على التخطيط الاستراتيجي لتجنب الاجتهادات الفردية، والتركيز على تأهيل العاملين في القطاع الخيري بتوفير الدورات التدريبية والتخصصية، كما دعا باقيس إلى فتح تخصص إدارة الأعمال الخيرية في الجامعات والكليات الأكاديمية، وجذب الكفاءات المتخصصة لإدارة الأعمال الخيرية بشكل مهني واحترافي، كما طالب بتحسين رواتب العاملين في الجمعيات الخيرية لتنافس القطاع الخاص في هذا الجانب.