أعلنت أنقرة قصف طائراتها الحربية مواقع لتنظيم «داعش» في سوريا أمس، في الوقت الذي احتجزت فيه الشرطة التركية مئاتٍ يُشتبَه في تشددهم في مداهمات نُفِّذَت في عدة مدن في مؤشرٍ على تخلي الحكومة المحافظة على الأرجح عن ترددها في فتح جبهة ضد المتطرفين. ووصف الرئيس، رجب طيب أردوغان، الضربات الجوية لقواعد «داعش» في شمال سوريا ب«خطوة أولى»، متعهداً باستمرار الإجراءات الأمنية ضد متشددين من الإسلاميين والأكراد واليساريين. وخيَّر أردوغان، خلال تصريحاتٍ له أمس من إسطنبول، ما سمَّاها الجماعات المتشددة بين إلقاء أسلحتها و«مواجهة العواقب». وكشف مكتب رئيس الوزراء، أحمد داود أوغلو، عن قصف مقاتلات تركية من طراز إف- 16 مواقع ل«داعش» داخل الأراضي السورية في وقتٍ مبكر أمس كإجراء ضروري لحماية البلاد من الهجمات الإرهابية. وكانت مدينة سوروتش (جنوب) تعرضت الإثنين الماضي لهجوم انتحاري دامٍ طال حديقة مركز ثقافي وخلَّف 32 قتيلاً معظمهم ناشطون أكراد. وردت مجموعة كردية متشددة بقتل شرطيين اثنين في مدينة شانلي أورفا القريبة، وقُتِلَ شرطي ثالث في دياربكر. وسمحت أنقرة لتحالف الحرب على الإرهاب في سوريا والعراق باستخدام قاعدة إنجرليك الجوية في شن غارات «ضمن إطار معين»، بحسب تعبير أردوغان. وتحدث مكتب رئيس الوزراء أوغلو عن «حملة شاملة ومستمرة وليست عملية منفردة ضد تنظيم (داعش) والمتشددين اليساريين والأكراد». وأفصح أوغلو، في مؤتمر صحفي أمس، عن توقيف الشرطة 297 شخصاً بينهم 37 أجنبياً خلال مداهمات نُفِّذَت في أنحاء مختلفة من البلاد وأعقبت غارات جوية نفذتها المقاتلات خارج الحدود ودمرت أهدافها بالكامل. إلا أنه نفى دخول الجيش الأراضي السورية حتى الآن. ووفقاً لمكتبه؛ تستهدف الحملة الأمنية الداخلية جماعات متشددة في 13 إقليماً. وأفاد المكتب بعزم الحكومة على التصدي ل»داعش» والمقاتلين الأكراد على حدٍّ سواء. وظلت تركيا شريكاً متمنعاً في التحالف ضد الإرهاب في سوريا والعراق، وتعد هجمات مقاتلاتها مؤخراً والمداهمات التي نفذتها في 13 إقليماً من أجرأ عملياتها حتى الآن، ما دعا مسؤول حكومي إلى القول «انتقلنا من استراتيجية سلبية إلى دفاع نشط». وجاء هذا التحرك بعد ساعات من إعلان مسؤولين في واشنطن عن السماح للتحالف بشن غارات انطلاقاً من إنجرليك الواقعة بالقرب من الحدود مع سوريا. وأُعلِن القرار بعد اتصال هاتفي بين الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، ونظيره رجب طيب أردوغان. لكن مسؤول في حكومة أنقرة اعتبر أنه لا يمكن التحدث عن بداية حملة عسكرية. وأقرَّ بأن «السياسة الحالية للحكومة تنطوي على قدر أكبر من التدخل والنشاط والتعامل، لكن التحرك لن يحدث على الأرجح دون مبرر». ووفقاً لمصادر؛ أقلعت 3 مقاتلات إف- 16 من قاعدة ديار بكر (جنوب شرق) في ساعة مبكرة من صباح أمس وقصفت مقرين ونقطة تجمع لمتشددي «داعش» قبل العودة إلى قاعدتها. و«لم تعبر المقاتلات الحدود أثناء العملية»، بحسب مسؤول حكومي أشار إلى استهداف الغارات منطقةً سورية تقابل بلدة كلس التركية. ووقع أمس الأول تبادلٌ لإطلاق النار في المنطقة ذاتها بين الجيش التركي ومقاتلي «داعش»، ما أسفر عن مقتل جندي من الأول ومسلح متشدد من الطرف الآخر. إلى ذلك؛ ذكرت وسائل إعلام تركية أن حوالي 5000 من أفراد الشرطة تساندهم طائرات هليكوبتر وقوات خاصة نفذوا مداهمات خلال ليل الخميس لأكثر من 100 موقع في إسطنبول يُشتبَه في تبعيتها ل«داعش» ومتشددين أكراد.