من حق الناس أن يُعجبوا بمذاهبهم وأن يدافعوا عنها ويتمسكوا بها. هكذا وُلِدوا وعاشوا وتم حشوهم بقداساتها وعصمتها منذ الصغر، وسيُعاقبون ويُنظر إليهم باحتقار واستخفاف داخل مذهبهم إن فعلوا العكس أو حاولوا النقد أو التساؤل.. لا أحد يستطيع الوقوف في وجه أهل مذهبه إلا النوادر، وأغلبنا لسنا من أولئك النوادر فلنحترم بعضنا على الأقل. مهما كانت أخطاء مذهبي التأسيسية، فعليك ألا تُحمِّلني أوزار من رحلوا وأسَّسوا ونشروا، وأن تتوقف فوراً عن دعوتي للانتقال إلى مذهبك، وعليَّ في المقابل ألا أحمِّلك أوزار غيرك من المؤسسين على باطل، وما سوى ذلك هو ضرب لأبجديات التعايش في أي بلد ونقصان عقل يمارسه بعضهم ربما بحسن نية! هذا مذهبي وأنا حر تماماً أن أزعم أنه أحسن مذهب في العالم وأنه الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومن حقك أيضاً أن تُسيِّج مذهبك بكل حصانات الدنيا وقداساتها، وأن تتمسك به كيفما تشاء وبألف عافية عليَّ وعليك. أولى أبجديات التعايش والوحدة الوطنية في أي بلد مستنير وصالح للحياة: أن تترك مذهبي وشأنه، وأن أترك مذهبك وشأنه، وألا يتحول أحدنا إلى مفتٍ وناقد شرس لمذهب الآخر.. بالله عليكم هل هذه صعبة؟! لم آتِ إلى الدنيا كي أحررك من أخطاء مذهبك، وأنت كذلك لم تأتِ إلى الدنيا كي تحررني من أخطاء مذهبي.. الحياة محبة وسلام وعِشرة، وهي أوسع بكثير من الصراع على باب مسجد أو حسينية. الوعاظ والدعاة سنة وشيعة يجب أن ينصرفوا إلى دعوة غير المسلمين إلى الدخول في الإسلام؛ أما الدعوة بين المذاهب نفسها فذلك تأجيج لصراع نحن في غنى عنه في لحظة تاريخية حاسمة وفارقة سيكون لها ما بعدها.. اللهم اهدِ الجميع وانشر السلام والمحبة.