قطع خادم الحرمين الشريفين الطريق على أي شك في موقف المملكة المبدئي الذي ينطلق من الدين والأخلاق تجاه المجازر التي تحدث في سوريا موضحاً بشكل كامل لرئيس روسيا الاتحادية ديمتري ميدفيديف أن أي حوار حول ما يجري في سوريا من مذابح وقتل وتطهير ضد السكان الآمنين لا يجدي. وموقف خادم الحرمين هذا ينطلق من مبادئ مترسخة في السياسة الخارجية للمملكة تتلخص في الوقوف بجوار الحق ورفض التعدي والظلم والتأكيد على أن الحوار والتعاون هما الطريق الأمثل لحل الخلافات لا الحديد والنار. كما أنه موقف يؤكد أن المملكة انحازت دائماً في سياستها الخارجية إلى القيم الإسلامية العربية، وهو ما عبَّر عنه بوضوح وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في اجتماع القاهرة حول سوريا، حين أكد أنه من “العار” على العرب الصمت إزاء التنكيل بالشعب السوري أو إعطاء نظام دمشق فرصاً أخرى للقتل. ومواقف المملكة المبدئية تجعلها أيضاً ترفض المساومة واستغلال آلام الشعوب لتحقيق مصالح سياسية ضيقة، حيث أوضح خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- في حديثه مع الرئيس الروسي أنه كان من الواجب على الروس التنسيق مع العرب قبل استعمال حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، لإجهاض قرار من مجلس الأمن يسعى فقط لتأييد خطة السلام العربية في سوريا، أما الآن فقد أصبح أي حوار غير مجد، لأنه سيكون عبثاً ديبلوماسياً، بينما آلة القتل على الأرض مستمرة في حصد أرواح الأطفال والنساء والعجَّز، فالأمر الوحيد الذي يمكن القيام به الآن هو التركيز على إغاثة الشعب السوري وتقديم كل دعم ممكن للمعارضة السورية، وهو ما أعلنته المملكة مراراً وتكراراً ونادت به بمجرد صدور الفيتو الروسي الصيني، حيث رأت أنه حتى بصدور هذا الفيتو لا يجوز توقف جهود إغاثة الشعب السوري. إن ما يجب التركيز عليه الآن هو الموقف الدولي الذي سيخرج عن اجتماع “أصدقاء سوريا” في تونس، والذي تشير التوقعات إلى أنه سيصب في اتجاه دعم المعارضة السورية والاعتراف بها كممثل للشعب السوري، الذي يواجه حرب إبادة من نظامه، فأوان الحوار فات والآن وقت العمل كي ينجح “أصدقاء سوريا” في إنقاذ ما يمكن إنقاذه والعمل مع المجتمع الدولي على الخروج بحلول عملية ناجعة للتصدي لما يحدث على الأرض والخروج من متاهات المشاورات الديبلوماسية التي تطغى عليها المصالح والمساومات على آهات شعب يتعرَّض للذبح والقتل والتشريد.