في خطوة تؤكد ما أعلنته المملكة دائما وما أثبتته بتصرفاتها مع العراق عبر السنين، أعلنت المملكة تعيين سفير لها في بغداد، مؤكدة أنها تسعى دائما لبناء علاقات أخوية مع جميع الدول العربية ودول الإقليم والعالم، وأنها تحرص دائما على أن يكون حسن الجوار شعارها في العلاقات الدولية. ولعل توقيت هذا الإعلان يحمل في طياته الكثير، فالمملكة قررت إعلان تعيين سفير لها قبل عقد القمة العربية في بغداد التي يحرص العراق على انعقادها لتأكيد انتمائه العربي وهو أمر محمود خصوصا في ظل اتجاهات داخل العراق تدفع لعقد تحالف مع قوى إقليمية في المنطقة وإدارة الظهر إلى الصف العربي. ولعل المملكة بهذه الخطوة توضح دون شك حرصها على «العراق العربي» الفاعل في حضوره وفي مشاركته في العمل العربي المشترك، الذي يحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى دعما من جميع دول المنطقة خصوصا في ظل ما نشهده من تحولات. والمفترض من العراق وحكومته قبل كل شيء التعامل بإيجابية مع هذه الخطوة السعودية والسعي بسرعة لتوثيق العلاقات وإزالة الشوائب وإنهاء الملفات المعلقة، ومعرفة أن هذه الخطوة السعودية نبعت من نية حسنة للمساهمة في عودة العراق كاملا إلى الحضن العربي. إن ربط العراق مصالحه بقوى إقليمية على رأسها إيران لم يساعد البلاد بأي شكل على التقدم أو الاستقرار أو تجاوز الأزمة التي تعيشها منذ غزو صدام حسين للكويت، بل ساهمت في ترسيخ الفوضى وتخريب العملية السياسية، واستمرار تدهور الاقتصاد وانعدام الأمن لتصل في النهاية إلى إمكانية تقسيم البلاد إلى أقاليم لن تنتهي عند حدود كردستان بل بدأت تمتد لتظهر نداءات لها في الأنبار وصلاح الدين والبصرة. إن تعيين الدول العربية تباعا لسفراء لها في العراق هو ترجمة لرغبة في التواصل والتفاهم والتعاون، وهي رغبات حميدة لابد أن تجد ما يوازيها من الطرف العراقي لتأسيس خطوات ناجعة، فلا يمكن بناء علاقات قوية من طرف واحد، أو توثيق العلاقات بجهد منفرد، ولعل القمة العربية المقبلة في العراق فرصة ذهبية للعراقيين لإثبات حقيقة رغبتهم في التواصل مع جيرانهم العرب على أساس علاقات أخوية تعتمد التعاون والتعاضد ورفض التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.