يانيس كريسوماليس... سيخلد العالم هذا الرجل بعد مئة عام من الآن كما خلد أباطرة الموسيقى, وسادتها أمثال (أماديوس موزارت), و( فان بيتهوفين) يانيس، أو ياني كما تحب أن تسميه والدته فيلتسا، ابن مدينة “كالاماتا” اليونانية، الشهيرة بزيتونها المميز والفريد، والذي اعتدنا حضوره في موائد إفطارنا، هذا الموسيقار ظاهرة موسيقية فريدة من نوعها استطاعت أن تكسب قلوب مئات الملايين من محبي الموسيقى الراقية حول العالم. حين راجت موسيقى “البوب” التجارية في أواخر الثمانينات الميلادية ظهر جليا الانخفاض الحاد في الذوق الموسيقي العالمي حيث أصبحت الموسيقى وقتها مصدر ربح, ولم تعد مسألة الفن والذوق ذات أهمية إلى أن جاء ياني، وأعاد للموسيقى أمجادها المغتصبة، يأخذك سحر وجمال موسيقى ياني إلى عالم خيالي جميل، و تحملك أنغامه على ظهرها إلى أروع حالات التسامي الروحي والعقلي فكان و لا يزال بحق أروع موسيقي في القرن الحالي والسابق، ولم يخلع النقاد الموسيقيين لقب “العهد الجديد New Age” على موسيقاه من فراغ، فهو بحق مجددٌ موسيقي على المستوى العالمي, عندما يبدأ ياني بالعزف على البيانو تذوب حواجز المكان و فوارق اللغة, فلا تحتاج إلى من يترجم لك موسيقاه التي تتحدث بلغة مفهومة لدى كل البشرية, تجمعهم في سلام و وئام. في سن الثامنة عشرة انتقل “ياني” من اليونان إلى ولاية مينيسوتا الأمريكية بغرض الدراسة الجامعية، وماهي إلا سنوات قلائل حتى حصل على شهادة البكالوريوس في علم النفس، لكنه أبى إلا أن يواصل طريقه في عالم الموسيقى كي يحقق مجده الشخصي، وكان له ما أراد ففي عام 1994 حقق ألبومه “مباشر من الأكروبول*“ نجاحا أسطورياً حيث حققت تسجيلات الحفلة المصورة مبيعات تجاوزت السبعة ملايين نسخة وتصدرت قائمة Billboard مدة 229 أسبوعا متواصلة محققا بذلك المركز الثاني في أفضل التسجيلات الموسيقية المصورة على الإطلاق بعد أغنية “Thriller” لملك البوب (مايكل جاكسون) الذي حقق مبيعات قدرها تسعة ملايين نسخة. عندما اشترت شبكة PBS التلفزيونية حقوق عرض الحفلة السالفة الذكر في التلفاز شاهدها ما يقارب النصف مليار نسمة في 65 دولة حول العالم ! يبهرك ياني عندما يعزف منفردا بالبيانو لكنه يبهرك أكثر عندما يعزف برفقة فرقته المكونة من جميع أنحاء العالم...حينها تتجلى بوضوح قدرات ياني الإبداعية في إنشاء و تكوين المقطوعات الموسيقية، وتقديراً لقدراته الإبداعية منحه مجلس جامعة مينيسوتا لقب الدكتوراة الفخرية في الآداب الإنسانية... وصلت لسؤالي المفضل: ماذا نستفيد من ياني؟ أولا: أثبت لنا ياني انه ليس بالضرورة أن تتقيد بالشهادة التي حصلت عليها كي تحيا حياتك؛ بل عليك أن تمضي وراء أحلامك و طموحاتك حتى تحقق نجاحك و تسطر مجدك بحروف من ذهب متخلياً عن مسيرة الحياة الروتينية “دراسة-وظيفة-زواج-أبناء-بناء-موت” لدى عوام الناس. ثانيا: كمهندس أرى أن ياني مهندس عظيم، ربما هو لا يقفه في أبسط أساسيات الهندسة بمختلف مجالاتها لكن أعماله الموسيقية هي أجمل تطبيق للهندسة بروحها، فهو يجمع لك الآلات الموسيقية بمختلف أنواعها و أشكالها، ويخرجها لك في تناغم سرمدي تعشقها فور سماعها, ولو كان الأمر بيدي لخلعت عليه دكتوراة فخرية في الهندسة بلا تردد. هذا هو ياني.. سفير الفن الإنساني * الاكروبول: عبارة عن صخرة مسطحة مرتفعة عن 150 م (490 قدم) مستوى سطح البحر في مدينة أثينا، وتبلغ مساحتها حوالي 3 هكتار, وكانت تعرف أيضا باسم ”كيكروبيا‘ تبعا لأسطورة الرجل الثعبان، كيكروبس، وهو أول ملك أثيني-نقلا عن موقع ويكيبيديا مختارات من موسيقى ياني